يعد مسجد-ألباشي أوغلو- الخشبي والذي تم تجديد بناءه في القرن الـ 18 الميلادي واحدا من عجائب البناء، إذ يتميز المسجد المبني من الخشب بهندسة معمارية فريدة، وتكمن أهمية هندسة هذا المسجد في عدم استخدام المسامير في بنائه، حيث استخدم المهندس المعماري الذي صمّمه الخشب فقط، دون استخدام أي مسامير، مما يشير إلى مدى الأهمية التي كان يوليها المسلمون للفن، ولبناء المساجد، حيث بات المسجد يشكل تحفة فنية مهمة في منطقة الأناضول.
وعاش هذا المسجد مئات السنين دون أن يتأثر بالعوامل الجوية والزلازل الارضية مما يثير دهشة وإعجاب زواره.
ونظراً لعدم استخدام أي مسامير في بناء المسجد، يسمى أيضاً «الجامع الخالي من المسامير».
يتسع المسجد لنحو (300) مُصلٍّ، والمسجد ملحق به قبر، لكنه يعود إلى 300 عام فقط، وليس معروفاً لمن يعود أيضاً.
ويشهد المسجد عمليات إعادة ترميم بين فترة وأخرى بشكل يتوافق مع الطراز الأصلي لهندسته المعمارية، كي يبقى البناء صامداً على مدى القرون القادمة، حيث تم خلال أعمال الترميم تجديد سقف المسجد بإضافة خشب جديد إليه، وإصلاح المنبر ومحراب المسجد، كما تم صيانة الساحة المحيطة بالمسجد.
ولا يعد هذا هو المسجد الخشبي الوحيد في تركيا، فهناك مسجد (أولو جامع) في (سيفري حصار) في غرب تركيا، والذي يعود إلى العهد السلجوقي، ويعد أكبر مسجد خشبي في الأناضول.
إلا أن هذا المسجد أقدم المساجد الخشبية في تركيا، حيث قام خبراء متخصصون في الآثار بأخذ عينات من خشب المسجد، وبعد فحصها تبين أنها تعود إلى عام (595) هجرية الموافق ( 1205) ميلادية، أي: في العهد السلجوقي، ولا يعرف من الذي أنشأه، أي إنه يعود لأكثر من 8 قرون.
يقع المسجد في ولاية -طوقات- على بعد نحو( 40) كيلومتراً من محافظة سامسون ، على ساحل البحر الأسود شمال تركيا.
المسجد مكوّن من طابق واحد، وقد استخدمت في بنائه أنواع مختلفة من الخشب، من أبرزها: أشجار الكستناء، والدردار، والمرّان، فجدران المسجد قد بنيت من ألواح خشبية يتراوح طول الواحد منها بين 12 و20 متراً، وسمكها يتراوح ما بين (50 و70 ) سنتيمتراً، ويغطى سقف الجامع الذي شُيّد على شكل مستطيل بطبقة من القرميد، أما قواعد المسجد فقد استخدم فيها خشب السنديان، حيث تم تقطيعه إلى أعمدة، يبلغ قطر كل واحد منها متراً، وتحت البناء فراغ الهدف منه تهوية الجامع من الداخل، ومنع الرطوبة وتسوس الأخشاب.
بقي المسجد صامدا إلى يومنا هذا، بفضل وضعية الأخشاب المتداخلة، التي بدورها تسمح له بالاهتزاز حال تعرضه لزلزال، أي إن الهيكل يسمح للبناء بالاهتزاز، وهذا ما يحميه من الانهيار.
وبالإضافة إلى السمات الهيكلية، فإن المسجد يحتوي أيضا على زخارف سلجوقية، وعثمانية، بألوان رائعة على الجدران، حيث تحتوي على رسوم نباتية فريدة في مساجد العالم الإسلامي، ويحتوي المسجد على مئذنة ذات شرفة مضلّعة، وهو ما يعتبر من الأمثلة النادرة في فن العمارة الإسلامية.
يقول القائمون على إدارة المسجد إن الكثير من الزوار يأتون لرؤية المسجد الفريد، حيث يجذب هذا المسجد اهتمام الزوار من داخل تركيا وخارجها على حد سواء، حيث يُعدُّ رمزاً للسياحة في محافظة سامسون.
وكذلك يزور المسجد بعض العلماء الذين يأتون لدراسة الطريقة التي شُيّد بها المسجد، وصُمّم من خلالها على مقاومة الزلازل.
ويقول المصلون في هذا المسجد: إن الصلاة في مثل هذا الجامع تبعث الطمأنينة والسكينة في نفوس المصلين، وتدخل في قلب الإنسان سعادة مختلفة، ويحظى باهتمام كبير من أهالي المدينة، من صغارهم وكبارهم ويحظى هذا الجامع بإقبال كبير من المسلمين، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.
المصدر: بيوت المتقين (51) شهر جمادى الأولى 1439هـ