رحلت فاطمة (عليها السلام) وهي غاضبة على أبي بكر

لا زالت بعض الأمور الواضحة خفية عند البعض، ولا زالت بعض الثابتات في كتب الفريقين منكرة عند عامة الناس أو علمائهم، ومن تلك الواضحات التي لا شبهة ولا ريب فيها هي قضية غضب السيدة الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر، وأنها ماتت وهي واجدة عليه، وهذه القضية إنما اكتسبت ثبوتها ووضوحها لأنها وردت في أصح صحاح عندهم وهو صحيح البخاري فضلاً عن غيره من كتب الصحاح والتاريخ والسير، ناهيك عن الميراث الشيعي الذي يثبت تلك القضية بالقطع واليقين.

  وقبل أن ننقل لكم نصّ ما ورد في صحيح البخاري يجدر بنا أن نلتفت إلى ما يلي:

  1- إن رضا مولاتنا الزهراء (عليها السلام) هو رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن غضبها غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضب الله تعالى، وذلك للحديث الوارد في صحيح البخاري: (فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي)[1].

  2- إن رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو رضا الله تعالى، وأن غضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضب الله تعالى، وذلك للآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)[2].

  وبعد تقديم هذين الأمرين اللازمين بقي علينا أن نثبت: هل غضبت الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر؟

  الجواب: نعم، فقد ورد في صحيح البخاري ذلك -فضلاً عن غيره من الصحاح والكتب التاريخية-، بأن الزهراء (عليها السلام) ماتت وهي غاضبة على أبي بكر (بل و الثاني أيضاً)، فَعَنْ عَائِشَة قَالَتْ: (أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتَ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)... فَأَبَى أَبُوبَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ (أي: غضبت) فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ)[3].

  فهل يعاب أتباع أهل البيت (عليهم السلام) على إشهارهم لظلامة الأول والثاني لمولاتنا الزهراء (عليه السلام) بعد ورود هذه الأخبار في صحاح المسلمين؟!

المصدر: مجلة اليقين، العدد (47)، الصفحة (10).

 


[1] صحيح البخاري: ج 3، ص 3555.

[2] الأحزاب: 57.

[3] صحيح البخاري : ج 4، ص 1549، ح 3998.