على خطى أم البنين (عليها السلام)

للمرأة المؤمنة أدوارٌ مشرِّفة، وتمثيلٌ سامٍ في الساحة الإسلامية منذ بزوغ فجر الإسلام، وحتى يومنا هذا، ولعل أبرز الأدوار النسوية في مسيرة الإسلام هو ما كان منها في ملحمة عاشوراء الخالدة، حيث يتجلّى للمرأة المؤمنة دورٌ كبيرٌ في نهضة سيد الشهداء (عليه السلام)، وهو دورٌ لا يقلّ أهميةً عن دور الرجال ربما، ذلك الدور الذي تمثل بالأم مع ولدها، وبالأخت مع أخيها، وبالبنت مع أبيها، وبالزوجة مع زوجها، ذلك الدور الذي تقاسمت فيه النساء مع الرجال دور البطولة والفداء والتضحية، وكذلك تقاسمت فيه الآلام والرزايا والمِحن، كل ذلك كان عقيدةً منهنَّ في إنجاح الهدف الأكبر من المشروع الحسيني المناهض للظلم والفساد.

وهكذا يستمر العطاء النسوي إلى يومنا هذا دون انقطاع، متمثلاً بأمهات أبطال الحشد الشعبي المقدس، تلك النسوة اللاتي تقمصنَ شخصيات نساء كربلاء في التضحية والشجاعة والافتداء، فما إن صدح داعي الله بالفتوى المباركة للجهاد الكفائي، حتى هبّت النساء المؤمنات إلى تلبية نداء الحق والمرجعية، بالوقوف مع المعركة بالدعم والمساعدة.

ولم يقتصر دور تلك الأمهات على تقديم الدعم المبارك للمقاتلين، بل تعدّى إلى ما هو أسمى منه وأجلّ، وذلك عبر تقديم القرابين الشبابية لله تعالى، وتشجيعهم على بذل النفوس في سبيل المذهب والمقدسات والأعراض، فقدّمنَ التضحيات تلو التضحيات، والشهداء بعد الشهداء، حتى كأن نساء كربلاء بُعثنَ من جديد، فلبينَ نداء الفتوى المباركة.

وأكتفي -عبر هذه السطور القلائل- بذكر تلك الأم البطلة التي يممت وجهها صوبَ كربلاء سَيْراً على الأقدام، وهي ترفع صور أولادها الأربعة الشهداء، الذين قضوا في معارك الجهاد مع داعش، وأظنها تريد إيصال رسالة مواساة إلى مولاتنا الزهراء (عليه السلام)، وإلى المولى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، وتريد أن تقول:

هذا فداءٌ كفداء أم البنين (عليها السلام) بأولادها الأربعة، فهل وفيتُ يا ابنَ رسولِ اللهِ؟

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (35)