ما تعانيه الدول الإسلامية اليوم من القتل والتشريد وأعلى مستويات الأذى، على نحو الفرد أو الأسرة أو المجتمع، من جراء الحروب التي تشعلها الأيادي الخبيثة المعادية للإسلام والمسلمين، كلّ هذا ليس إلا وسيلة أولية للقضاء على الإسلام، ومعنى الوسيلة الأولية: أن أعداء الإسلام يحتملون أنهم يقضون على الدين الإسلامي بطرق القتل والتعذيب وأداتهم في ذلك الحروب والتفجير والتهجير، لكن ما وراء ذلك هم وضعوا خطة بديلة تحسباً لاحتمال الفشل في سلب الهوية الإسلامية من المسلمين، وفعلاً نتائج كلّ هذا الظلم للشعوب الإسلامية لم تكن تسير نحو سقوط الهوية، بل حصل العكس وثبت أصحاب العقيدة على عقيدتهم وعضوا عليها بنواجذهم وظهرت فاعلية الشعار الجميل ( المؤمن كالمسمار كلّما ازداد عليه الطرق ازداد ثباتاً)
لذا فإن الأعداء عملوا على وضع خطة أو وسيلة بديلة -كما قلنا –لسلب هويتنا، وهي أخطر من الأولى من جهة أنها لا تبدو ببشاعتها الحقيقية وهدفها الخبيث، بل تخفّت تحت أقنعة متلونة وفرشت السراب أمام عيون المسلمين فيحسبه الظمآن معيناً عذباً.
وأكثر ما وجهوا سهامهم المسمومة الى طبقة الشباب مستغلين بذلك الظروف المزرية التي صنعوها في بلادهم، حيث زرعوا بذور اليأس وسقوها بماكنة إعلامية قوية جعلت كلّ شاب يشعر بخيبة أمل أمام مستقبل مجهول وحياة ذات معالم مرتبكة.
كلّ هذا جعل الشاب يشعر أن أي حياة صحيحة ومستقرّة وحضارية، لا يمكن أن تتحقق إلا بعد المرور بثقافة الغرب وتخيط منها ثوباً يجعل شكلّها مقبولاً لدى الآخرين، فتاهَ الشباب في ظلمات التقليد المذموم، والتنازل عن بعض الثوابت الاجتماعية، وربما صار الأمر أكثر خطورة عندما استدعت بعض التصرفات هتكاً للرموز الإسلامية والمعاني الدينية، ولو من دون قصد إلى ذلك.
واختصت الشيعة –بحمدالله–بوقفاتدينية عقائدية في طريق الحياة التي واجهوا فيها ألواناً من الظلم والحزن والخوف من أعدائهم منذ وفاة النبي (صلى اله عليه وآله) حتى اليوم، ومن هذه الوقفات التي تجدد المفاهيم الدينية وتثبت أركانها كلّ عام زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام، فإنها تنسف كلّ مخططات العدو وتردّه خائباً عاجزاً عن كتابة حرف تميل له عيون شبابنا بالرضا والقبول.
لكن هذا لم يمنعه من التفكير في اختراق هذه الثورة الراجلة لإعادة المفاهيم الإسلامية الى مكانها في العقول، فيحاول جاهداً لتشويه بعض جزئيات المسيرة عن طريق بعض الأمور القشرية المنافية لأخلاق الزيارة وآداب التواجد في العتبات المقدسة.
لذلك دعت المرجعية العليا الشباب في هذه الزيارة الى الالتزام بأدب الزيارة وترك غير المناسب في حضرة مشاهد المعصومين عليهم السلام أو مشاهد أولادهم وأصحابهم من الذين يشكلّون رمزاً دينياً شيعياً، ورد ذلك في جواب مكتب السيد السيستاني على سؤال بعض المؤمنين حول هذا الموضوع وهذا نصه:
(السؤال: بعض الشباب يأتون لزيارة العتبات المقدسة بملابس مختلفة الأشكال، منها رياضية، وأخرى مجسمة على البدن،وأخرى مرسوم عليها صور لاعب أو ممثل أو مطرب أجنبي أو كتب عليها باللغة الأجنبية عبارات غير أخلاقيةوأما حلاقة الراس واللحية فهي على طرق الغرب، فما هو راي سماحتكم بهذه الأعمال من الناحية الشرعية؟
الجواب: الأمور المذكورة بعضها محرم وبعضها غير مناسبة وعلى كلّ حال فينبغي توجيه الزائرين بما يتيسر بالحكمة والموعظة الحسنة، وينبغي على الشباب الأعزاء من اتباع أهل البيت (عليهم السلام) بنحو عام تجنب الملابس غير اللائقة من جهة الضيق أو الرسم أو العبارات المكتوبة. وان لبس الإنسان جزء من سلوكه، كما يعد دليلا على عقله وثقافته ونفسيته ووعيه عند العقلاء بل قد يحرم لبس بعض تلك الألبسة كما لو كانت موجبة للإثارة المحرمة أو ترويج الفساد كما ينبغي بنحو خاص رعاية الآداب في الأماكن المقدسة من قبيل المساجد والمزارات ونحوها ولبس الألبسة المحتشمة التي تكون مظهرا للسكينة والوقار على صاحبها فان ذلك جزء من آداب الزيارة.)
وهذا الجواب أخوتي وإن كان مضمونه يخص الشكلّ الخارجي للزائر، إلا أنه يمكن أن يشمل جميع التصرفات الأخرى كالكلّام والمشي والبيع والشراء وغيرها حتى في غير أيام الزيارات فإن المؤمن من أتباع أهل البيت عليهم السلام لابد أن يراعي المناسب واللائق بالإيمان الذي في قلبه ويناسب ولاءه وانتماءه لهذا المذهب المبارك.