أجمع العلماء المخالفون لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) على تحريم كلّ اسم معبّد لغير الله، ما عدا عبد المطلب، فالتعبيد لغير الله محرم بالإجماع، فلا يقال عبد النبي، ولا عبد الحسين، ولا عبد علي، ولا عبد عمر، ونحو ذلك، بل يقال: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الكريم، عبد القدوس، عبد الملك، عبد السلام، وأشباه ذلك من التعبيد بأسماء الله سبحانه وتعالى، وإذا كان قد وقع هذا التعبيد في اسم من الأسماء فيجب تغييره، فمن سمّى ولداً بمثل هذا التركيب الإضافي الذي ينسب العبودية لغير الله تعالى - في نظرهم - كعبد النبي، أو عبد الحسين أو عبد الحسن أو عبد عمر، أو شبه ذلك، يغيرها إلى أسماء مقبولة شرعاً، فمثلاً بدل عبد النبي نقول عبد رب النبي، وبدل عبد الرسول نقول عبد رب الرسول(صلى الله عليه وآله)، وبدل عبد الحسين، نقول عبد رب الحسين، أو عبد الله، أو عبد الرحمن، وهكذا يغير بما يجوز شرعاً.
أما العلماء من أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فيخالفونهم في هذه المسألة، ويجوزون ذلك بأدلة ليست بصعبة الفهم، ولا أدري كيف غفل عنها القوم.
الدليل من القرآن الكريم:
قال تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُم وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[1].
وهذه الآية هي الفيصل في الموضوع لقول الله سبحانه (مِنْ عِبَادِكُمْ)، فقد أضاف العبد إلى المؤمنين المخاطبين في الآية.
وعليه فالذي لا يجيز هذه التسمية وأنها من الشرك؛ لأن العبد لا يكون إلّا لله، لكن ما هو تفسير الآية إذاً؟ وما معنى العبد في الآية؟
فإن جوّز المدعي إطلاق كلمة (عبد) لغير الله فقد حسم الأمر، وأن لم يجوّز فقد رد على الله في كتابه العزيز.
بيان وجه الجواز:
إن التسمية بعبد النبي وعبد علي وعبد الزهراء وعبد الحسن وعبد الحسين ... الخ، ليس المفهوم منها أنه هو خالقه، ولا أن يكون المضاف إليه معبوده، يتوجه إليه المضاف بالعبادة من سجود وركوع، وبقية أشكال العبادة التي لا تُجوَّز إلّا لله وحده.
ونستطيع القول إن هذا الوجه في الجواز الذي بيّنّاه في إضافة كلمة (عبد) إلى غير الله ليس مما يعارض عقيدة التوحيد، فلو سألت أي موحّد هل من سمي بعبد النبي يعتقد أن النبي(صلى الله عليه وآله) هو الخالق أو هو الإله المعبود والعياذ بالله؟ لا يقول نعم إلا جاهل أو كذاب.
إن الاشتراك اللفظي لكلمة (عبد) عند إضافتها للخالق أو المخلوق جائز بنص القران كما اتضح، فعندما يقول القائل علي عبد الله، يترتب عليه الإقرار بالوحدانية والتفرد والتدبير والخلق، وكل معاني العبودية، وما تشتمل عليه هذه اللفظة تكون محصورة إلى من يستحقها وهو الله جل جلاله.
ننقل لكم نص الفتوى من مجلة دار الإفتاء المصري، والمؤرخة في (16/ذو الحجة/1437هـ، 18/سبتمبر/2016م) في جواز التسمية بـ (عبد النبي) و(عبد الرسول):
أن هناك فارقا في الوضع والاستعمال بين العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله تعالى، وبين العبودية التي لها في اللغة معان متعددة.
أن كلمة (عبد) لها عدة معانٍ، منها: الطاعة، والخدمة، والرق، والولاء، وهذه المعاني تسمى عبودية، أو عبدية، ولا تسمى عبادة؛ فإذا أضيفت كلمة (عبد) إلى الله تعالى كان معناها غاية التذلل والخضوع، كعبد الله، وعبد الرحمن، وإذا أضيفت إلى غيره أمكن حملها على معنى: رقيق فلان، أو خادمه، أو مولاه، أو مطيعه، وذلك تبعاً للسياق والقرينة التي تحدد المعنى اللغوي، وهذا هو ما نص عليه أئمة اللغة وأهلها كما في معجم مقاييس اللغة لابن فارس.
أن العبودية وإضافتها إلى المخلوق بالمعنى الأخير وارد في نص الكتاب الكريم، وفى السنة النبوية المطهرة، وفي استعمال العرب والصحابة وأهل العلم من بعدهم، فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[2].
ومن السنة النبوية الشريفة، ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث البراء بن عازب عن النبيِّ(صلى الله عليه وآله) أنه قال يوم حنين: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)، وهو(صلى الله عليه وآله) لا ينطق إلا حقّاً، ولو كان في هذا الاسم إشارة إلى شيء من المحظور، أو الشرك، لاستبدل به غيره، خاصة وأنه في مقام قتال الشرك وأهله؛ فيقول: أنا ابن شيبة، أو ابن أبى الحارث، أو أنا رسول الله، أو نحو ذلك، والسكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان).
إذاً: لا توجد هنالك مشكلة شرعية في تسمية الأشخاص بعبد الرسول مثلاً، بعدما عرفنا أن العبودية المقصود منها في التسمية ليست هي العبودية الخاصة بالله تعالى، وإنما هي عبودية الخدمة والطاعة وغير ذلك من المعاني التي جوزها العقل والكتاب العزيز.
مجلة اليقين العدد (28)