مثل الانتماء إلى محمد وآله(صلى الله عليه وآله) فخراً وشرفاً حقيقياً؛ لأنه يمثل الانتماء إلى الحق والدّين والكمال والعلم، وممّن تشرف بهذا الانتماء لأهل بيت النبوة(عليهم السلام) ضد بني أمية هو الفضل بن عبد الرحمان بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فقد حكي إنه لما قتل زيد نصب هشام بن عبد الملك العداوة لآل أبي طالب وشيعتهم، وأمر عمّاله بالتضييق عليهم ومحق آثارهم بالحبس والتبعيد عن الأوطان والفتك بهم وحرمانهم عطاءهم، وكتب إلى عامله بالكوفة يوسف بن عمران يأخذ الكميت بن زيد الأسدي ويقطع لسانه ويده؛ لأنه رثى زيد بن علي بقصيدة وفيها يمدح بني هاشم، وزاد على ذلك أن كلف آل أبي طالب بالبراءة من زيد، فقام بذلك خطباؤهم مكرهين مقهورين.
وكتب هشام إلى عامل المدينة أن يمنع أهل مكة والمدينة عطاءهم سنة؛ لإنه عرف منهم الميل إلى زيد، وأظهروا الحزن أيام مجيء خبره، وكتب أيضا إلى عامل المدينة أن يحبس قوماً من بني هاشم، ويعرضهم كل أسبوع مرّة، ويقيم لهم الكفلاء ألا يخرجوا.
فقال الفضل بن عبد الرحمن في قصيدة طويلة والتي تكشف عن قوة إيمانه وصلابته في عقيدته، فقال:
كلما أحدثوا بـأرض نقيقـا ضمنونا السجون أو سيرونا
قتلونا بغير ذنب إليهم قاتــل الله أمة قتــــلونا
ما رعوا حقنا ولا حفظوا في فينــا وصـاة الاله بالأقربينا
جعلونا أدنى عدو إليهم فهــم في دمـائهم يسبحونا
أنكروا حقّنا وجاروا علينا وعلى غــير إحنـة ابغضونا
وهذا الموقف الشجاع في وجه طاغوت من طواغيت بني أمية يمثّل تحدّياً شجاعاً، وكلمة حقّ بوجه سلطان جائر، في وقت كانت ضريبة تلك الكلمة هو الهلاك والموت والتشريد وصنوف العذاب من الدولة الظالمة، فسلام على تلك الأرواح الطيبة، والحناجر الشجاعة، التي خطت للأجيال سبل الشجاعة الإقدام.
المصدر: مجلة اليقين العدد (62)، الصفحة (11).