المعتزلة فرقة من فرق الإسلام مشتقة من الاعتزال، والاعتزال لغة مأخوذ من اعتزل الشيء أي تنحى عنه، واعتزلت القوم أي فارقتهم، وتنحيت عنهم، وأمّا في الاصطلاح فالمعتزلة اسم يطلق على فرقة تنتسب إلى الإسلام وتعتقد بجملة من الاعتقادات الُمبْتدَعة والمؤولة، ومن أبرزها تقديس العقل وتقديمه والغلو فيه والاعتماد عليه في فهم الإسلام وتعاليمه، إذاً فالمعتزلة فرقة كلامية إسلامية نشأت في بداية القرن الثاني الهجري في البصرة في أواخر العصر الأموي، وقد ازدهرت أفكارهم في العصر العباسي، وانتشرت بعد ذلك في مختلف مناطق الدولة الإسلامية كخراسان واليمن والكوفة وغيرها من المناطق المجاورة لها، واعتمدت هذه الفرقة على تجرّد العقل في فهم العقيدة وقدموه على النقل، لتأثرها ببعض الفلسفات الطارئة، مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة الإسلام الحقة، وسبب تسميتهم بذلك نسبة لاعتزال (واصل بن عطاء) لحلقة شيخه الحسن البصري في مجلس دَرْسِه لاختلافه معه في مسألة الحكم على مرتكب الكبيرة، وأنه ليس بكافر، وتقول الرواية أن واصل بن عطاء لم يرقه هذه الحكم، وقال إنه بين منزلتين، أي ليس بمؤمن ولا كافر، وبسبب ذلك كوّن لنفسه حلقة دراسية وفق ما يفهمه، وقيل سبب آخر للتسميّة ربمّا كان توسّع الإسلام ودخول أمارات مختلفة فيه حاملة ثقافتها معها، ولذا لم يكن المنهج التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم، فأبتُكِرَ المنهج الطبيعي العقلي، وهو المذهب الكلامي الخالص، فسُمّوا معتزلة على سبيل الذم من المخالفين لهم، ولكن المعتزلة رأوا أنه اسم مدحٍ بمعنى الاعتزال عن الشرور والمحدثات، ومن عقائد المعتزلة قولهم بأن القرآن مخلوق وأن الله كلّم موسى عليه السلام بكلام أحدثه في الشجرة، ونفيهم علو الله سبحانه، وأوّلوه بالاستواء في قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[1]، ونفيهم شفاعة النبي(صلى الله عليه وآله) لمرتكبي الكبائر من أمته، ونفيهم كرامات الأئمة (عليهم السلام) فقالوا لو ثبتت كرامات الأولياء لاشتبه الولي بالنبي، والقول بأن مرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر، وان العقل والفطرة السليمتان قادرتان على تمييز الحلال من الحرام، وأكد المعتزلة على التوحيد والعدل الاجتماعي وإعطاء ذلك أهمية كبرى لدى الناس في عصر كثرت فيه المظالم الاجتماعية، وكثر فيه القول بتشبيه وتجسيم الذات الإلهية، ومن الأسماء التي أطلقت على المعتزلة كالجهمية، لموافقتهم الجهمية في عدد من المسائل وأحيوا باطلهم، وأُطلِق عليهم أسم القدرية أيضا لموافقتهم القدرية في إنكار القدر وإسنادهم أفعال العباد لذاتهم، وكذلك سمّوا مثنوية ومجوسية لأنهم يقرّون أن الخير من الله والشر من العبد وهذا يشبه مذهب الثنوية والمجوس اللذان يقدران وجود إلهين أحدهما للخير والآخر للشر، وسُمّوا المعتزلة (عيدية) أيضا لأنهم يُسلّمون بإنفاذ الوعد والوعيد لامحالة، فلابد من عقاب المذنب إلا أن يتوب قبل الموت، وسُمّوا (معطّلة) لأنهم عطلوا الصفات وأوّلوا ما لا يتوافق مع مذهبهم من نصوص الكتاب والسنة.
المصدر: مجلة اليقين العدد (7)
[1] سورة طه: 5.