سؤالٌ يخطر في بال الكثيرين من الناس، وهو: إِذا عاش الكافر أَو العاصي ستين أَو سبعين سنة أَو أَكثر من ذلك، وأَرتكب فيها المحرمات فلماذا يُخلّد في النار؟ أَليسَ مِن عَدْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) أَن يعاقبه بمقدار هذه الفترة، أَو أَزيد بقليل؟
هذا السؤال سُئل به أَهلُ البيت (عليهم السلام) فأَجابوا عنه، وهذا نص الروايات:
عن أَبي هاشم قال: قال أَبو عبد الله(عليه السلام): «إِنّما خُلِّدَ أَهلُ النَّارِ في النَّارِ لأَن نياتِهم كانت في الدُّنيا أَن لو خُلِّدوا فيها أَنْ يَعصوا اللهَ أَبداً، وإِنّما خُلِّدَ أَهلُ الجَنّةِ في الجَنّةِ لأَن نِياتِهم كانتْ في الدُّنيا أَنْ لَو بَقوا فيها أَنْ يُطيعُوا اللهَ أَبداً، فبالنيةِ تَخلَّد هؤلاءِ وهؤلاءِ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ)[1] على نيته»[2]، وقد إِشارة الآية الكريمة لذلك بقولهِ تعالى (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)[3]، فالآيةُ صريحة في أَنّ هؤلاء لو عادوا إِلى الدُّنيا لعملوا المعاصي، ولبقوا على كُفرِهم ما بقيت الدُّنيا.
إِذنْ: الخلود في النار للكافرين وأَهل المعاصي لا يكون في مقابل ما ارتكبوه من ذنوب ومعاصي صدرت عنهم في هذا الدنيا، وإِنّما يكون جزاءً لأَمرٍ ثابتٍ ترسّخ فيهم في الحياة الدنيا، ولم يزل بحالٍ من الأَحوال، وهذا الأَمر يتمثل في الكفر الذي انطبعوا عليه، والعناد والشقاء الموجود في أَنفسهم، فهذا سبب الخلود وليس ما يتوهمّهُ بعض الناس.
مجلة اليقين العدد (27)