المرحوم المقدس الكاظمي، واحد من العلماء الزاهدين الذين تجردت قلوبهم عن حب الدنيا والانخداع بزينتها.
لقد زاره أحد العلماء الإيرانيين ـ بطلب من الملك الإيراني ـ في النجف الأشرف، ولما دخل عليه في بيته المتواضع تأثر من ضيق معيشته.
وكان قد رحب به المقدس الكاظمي ولكنه لما أطال الجلوس قال له: إن زيارتك لي أمر مستحب سبب للثواب إن شاء الله إلا أنها مقترنة مع جلوس زوجتي وأطفالي تحت حرارة الشمس الحارقة في ساحة البيت إذ ليست عندنا سوى هذه الحجرة التي نحن جالسون فيها الآن، لذلك فإني أخشى أن تقع في أمر محرم من أجل أمر مستحب، فاختصر الزائر جلوسه من غير زعل ثم ودع المقدس الكاظمي وقلبه يعتصر ألمّا على فقره وهو بهذه المكانة من العلم والتقوى، وحينما عاد إلى إيران سأله الملك: ماذا أتيت لنا من هدية العتبات المقدسة، فقال العالم: أتيت لك بقصة عالم كبير هذه معيشته، فنقل القصة إلى الملك، فأرسل الملك مالاً كثيراً إلى المقدس الكاظمي ولكنه رفض أن يستلم المال فكلما أصر عليه الرسول أصر الكاظمي على عدم القبول، فسأله الكاظمي عن قصة المال، قال الرسول: إن العالم الذي زارك نقل إلى الملك وضعك المالي فأهدى إليك الملك هذه الأموال، هنا أجهش المقدّس الكاظمي بالبكاء وأكد عدم قبوله للمال مرة أخرى، فرجع الرسول مع الأموال إلى إيران بعد ذلك سئل الكاظمي عن سبب بكائه ورفضه لهدية الملك، فقال: إن علم الملك بحالي وإرساله هذه الأموال يكشف لي إني مرتكب معصية ما، معصية سببت لي أن يسجل اسمي في ديوان الظالمين[1].
كم هو جميل أن نتدبر هنا في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) القائل: (....إنّ الدنيا مشغلةٌ للقلوب والأبدان، وإنّ الله تعالى سائلنا عمّا في حلاله فكيف بما نُعِّمنا في حرامه....)[2].