بعد هذا العرض المتقدم – نقدم فذلكة سريعة لما تم عرضه لنلم شتات ما قدمناه، فيكون أرسخ في الأذهان وأوضح للقارئ، فنقول:
إننا عرضنا أولاً نبذة من سيرة الإمام الحسن (عليه السلام) أبرزنا فيها نُتفاً من حُسْن شمائله وكرائم طباعه، وسلطنا الضوء فيها على تواضعه وكرمه وعبادته وسماحته وسخائه وغيرها مما يجده الباحث في فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، وكيف لا وهو سليل النبوة والإمامة وربيب بيت الوحي ومَن عاش في كنف أعبد شخصين على وجه الأرض بعد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مَنْ ذاعت شهرة عبادتهما بما صار منارا للطالبين والسائرين في الطريق إلى الله تعالى.
ثم ذكرنا بعضاً من كراماته التي توضح مدى قربه من الله تعالى ووفور فضله، وهذان الأمران كان الغرض منهما تسليط الضوء على شخصية الإمام الحسن (عليه السلام) النجل الأكبر لأمير المؤمنين (عليه السلام).
وبعد ذلك تعرضنا لحال المجتمع الكوفي بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وكيفية انتقال الخلافة للإمام الحسن (عليه السلام) وما صاحب ذلك من أحداث، وما هو مشروع الإمام الحسن (عليه السلام) الذي رامه من الخلافة.
ثم وصل الأمر إلى ما كان الكتاب موضوعاً لأجله وهو الصلح، فقد عرضنا معاهدة الصلح بشيء من التفصيل وبينّا ما يمكن أن يكون الدوافع وراء إقدام معاوية على طلب الصلح.
وبعد ذلك عرضنا بشكل مفصل التحليلات المطروحة عند المفكرين لأسباب قبول الإمام الحسن (عليه السلام) للصلح وعرضنا أربعة قراءات في ذلك الأمر متسلسلة من الأبعد إلى الأقرب للقبول، بحسب المعطيات التأريخية، والمرجحات المنطقية التي توزن بها الأمور وتعالج بها الحوادث التاريخية، ويكون على أساسها ترجيح رأي على أخر وتقديم تحليل على غيره.
وبذلك نكون قد قدمنا للقارئ العزيز خلاصة الأبحاث الدائرة حول هذه القضية الحساسة في تأريخ الأمة الإسلامية، وأوصلناه إلى ما نعتقد أنه يليق بمكانة الإمام (عليه السلام) ودوره الذي من المفترض أن يلعبه في أمة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، خصوصاً بعد أن نعرف أنه وأخيه الحسين (عليهما السلام) كليهما قد قال في حقهما النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فلا بد أن يكون الحسن (عليه السلام) له من الدور ما يوازي الدور الذي قام به الحسين (عليه السلام) في الحفاظ على أمة جده (صلى الله عليه وآله) وشريعته من الضياع والانحراف.