إنّ منهج القرآن الكريم قائم على بيان القوانين العامّة... كما هو متعارف في كتب الدساتير الدولية، ومن ثَمّ يذكر الأمور التي تفسّر الكليّات في الدستور، وقد بيّن القرآن كلّية أنّ الأئمّة على قسمين: أئمّة ضلال، وأئمّة هدى، وذكرهم لا بذواتهم بل بأوصافهم الدالّة على أنّ أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام) منهم، كما في: آية إكمال الدين، وآية التطهير وغيرها، واتّفق مفسرو السُنّة والشيعة على انطباقها على شخص أمير المؤمنين (عليه السلام).
وما يبين عمومات القرآن وإطلاقاته أيضاً السُنّة الشريفة، والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، في روايات كثيرة نقلها الفريقان نصّ على إمامة وخلافة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) كما في حديث الغدير، المتواتر عند الفريقين، فعن أبي بصير، قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام): عن قول الله عزّ وجلّ: (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم)[1].
فقال: «نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهما السلام)».
فقلت له: إنّ النّاس يقولون: فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيته (عليهم السلام) في كتاب الله عزّ وجلّ؟
قال: فقال: «قولوا لهم: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم...
ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهمٌ، حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم.
ونزل الحجّ فلم يقل لهم: طوفوا أُسبوعاً حتّى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسّر ذلك لهم...
ونزلت: (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم) - ونزلت في عليّ والحسن والحسين - فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عليّ: «من كنت مولاه فعليّ مولاه». وقال (صلى الله عليه وآله): «أُوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي؛ فإنّي سألت الله عزّ وجلّ ألا يفرّق بينهما حتّى يوردهما عليّ الحوض، فأعطاني ذلك». وقال: «لا تعلّموهم فهم أعلم منكم». وقال: «إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة»؛ فلو سكت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فلم يبيّن مَن أهل بيته، لادّعاها آل فلان وآل فلان، لكنّ الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلى الله عليه وآله): (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)[2]، فكان عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام)، فأدخلهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثمّ قال: «اللّهمّ ّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي». فقالت أمّ سلمة: ألست من أهلِك؟ فقال: «إنّك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي...»)[3].
ثم إننا لا نستطيع القول إن القرآن لم يذكر اسم علي بل ذكره فعلاً لكن بالكناية لا بالتصريح والكناية أبلغ من التصريح بإجماع أهل العربية.
مجلة اليقين العدد (17)