ثبات القدم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.

لا يكاد يَنفكُّ الإِنسان عنِ الاِبتلاءاتِ والامِتحاناتِ الدِّينيةِ والدُّنيويةِ في مسيرةِ حياتهِ وأَيامهِ، لأَنَّ الدُّنيا هي محطةُ عبورٍ لمحطّةٍ أَهمَّ وأَفضل، وقد كتبَ اللهُ تعالى فيها الاِمتحان والاِختبار على عبادهِ أَجمع، وبالأَخص المؤمنون منهم، إرادة منه تعالى بذلك الامتحان أن يرفع عباده لأعلى درجات السعادة في دار الدنيا ودار الأخرة، على أن تلك الامتحانات تختلف بطبيعتها من شخص لآخر، وحسب استعدادات الإنسان النفسية والإيمانية، وأشد تلك الامتحانات وأدقها هي ما كانت تمحِّصُ العقيدة والإيمان؛ لأن نجاح الإنسان مرهون بنجاحه في ذلك الامتحان، وعلى أساس نتيجة ذلك الامتحان يُقيَّم الإنسان في دار الدنيا ودار الآخرة، ولإن ذلك من أصعب مواطن الابتلاء ومواضع الفتن في عصر الغيبة، من هنا وجب على كل إنسان أن يتنبّه لكل ما يدور حوله من أفكار وعقائد، وأن يُميّز بين الغثِّ والسمين، وبين الصحيح والسقيم، لا سيما وان تلك التهديدات الفكرية والعقائدية في مواقع الإنترنيت ومواقع التواصل وغيرها قد داهمتنا في عقر ديارنا، وهجمت علينا بجيوش الجهل، وهدّدت شبابنا وبناتنا، فجعلتهم في مهب الشكوك والظنون، ناهيك عمن زلّت قدمُهُ فغدى هالكاً في وادٍ سحيق!

  والمشكلة كل المشكلة أن الكثير من المزالق التي وقع فيها الكثير من شبابنا جاءت بزي الدين والإيمان، فكم من صاحب هوى مبتدع تلبّس بلباس أهل العلم والدين ونسب نفسه إلى الدين وأهله، وهو منه براء، مستغلاً طيبة نفوس الناس وحسن ظنهم بأهل العلم، وشدّة تعلّقهم بالدين وأهل بيت الهدى(عليهم السلام)، كما نراهُ في مدّعي اليمانية والمشككين بعلماء الدين والتقليد عموماً، فاستمالوا بذلك فريقاً من الناس البسطاء، والذين لا حظَّ لهم من العلم، فأهلكوا أنفسهم وأهلكوا الكثيرين، فزلّت أقدامٌ وثبتت أخرى، والله هو المستعان.

  من هنا كان من اللازم على كل ذي لبٍّ أَن لا يسترسل في التصديق بكل من هبَّ ودبَّ، لأن سرعة الاسترسال عثرة لا تقال، ولأن العقيدة هي أغلى ما في وجود الإنسان في الحياة، وأعزَّ ما لديه في أيام إقامته المؤقتة في عالم الدنيا، فمن الواجب علينا جميعاً أن نسير في الطريق الواضح والمضاء، والنأي عن الطرق المشوشة والمظلمة، لأن العاقبة واضحة لمن أَلقى السمع وهو الشهيد.

مجلة اليقين العدد (37)