لمؤلفه: السيد أحمد إدريس الحسيني، الذي وُلِد عام 1967م بمدينة (مولا إدريس) المغربية، وكان يعتنق المذهب المالكي، قبل تشرفه بمذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وعاش في القصر الكبير، مكناس الرباط، ويُعدّ هذا الكتاب، تجربة شخصيّة خاضها الحسيني في دائرة الفكر والاعتقاد، ليختار لنفسه المعتقد الذي يفرض نفسه بالدليل والبرهان، فكانت النتيجة أنَّه وجد الحقّ في غير ما ورثه من أسلافه، وتحوّل من المذهب السُّني إلى المذهب الشيعي.
فيرى المؤلّف أنَّ الأجواء التي عاشها، تركت أسمى التأثير في صياغة إطاره الفكري، قبل أن يدخل إلى محراب التاريخ المقدَّس فيقول: (لقد علَّمونا أن نرفض عقولنا، لنكون كائنات (روبوتية)، يوجّهنا تاريخ كمبيوترات مجهولة ...، وغلبت السياسة على التاريخ، وحوَّلته إلى بؤس حقيقي) حتى تحوَّل إلى صاحب عقلية ناقدة لا تقبل شيئاً إلاَّ بعد البحث والتنقيب ومن هنا كانت الأزمة التي يصفها بقوله: (ما أثقلها من أزمة على طلاّب الحقيقة).
وكان يطرح الأستاذ الحسيني دائماً على أصدقائه قضيّة مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، وكان يبحث عن تفسير شافٍ لهذه المأساة، ومن هنا بدأت قصَّة استبصار الأمم فتناول في كتابه المسألة (الشيعية) من وجهة نظر تاريخية، وليس من وجهة نظر مذهبية، ثمّ بحث في أصل نشوء الشيعة، فيلقي الضوء على ادّعاء انتساب التشيّع إلى عبد الله بن سبأ، فيقول: (تلك شبهات محبوكة بأصابع مأجورة ومسيئة، تارة بالترغيب وأخرى بالترهيب الأموي، ولا بدَّ من الوقوف على هزالها).
ثمّ يذكر في صفحات كتابه تهمة فارسية التشيّع، ويقول: العرب سبّاقون إلى التشيّع، وهم الذين أدخلوه إلى بلاد فارس، ذاكراً الأدلة فيه.
ويبيّن فيه أيضاً سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) مع التركيز على المحطّات الحسّاسة فيها، كالأصل في القيادة مثلاً، وهي الوصيّة، ولم تكن الشورى سوى تبرير تاريخي لما وقع في سقيفة بني ساعدة، إذ إنَّ التاريخ يفضح حقيقة الشورى، بل أثبت بؤسها في انتخاب صيغة الحكم، وفي خلق الممانعة الشرعية والمطامع النفسية والقبلية.
ويذكر أيضاً إقامة علي(عليه السلام) بوصفه وزيراً ووصيّاً للنبي (صلى الله عليه وآله) في عِدَّة مواقف منها: حديث الدار، والمؤاخاة، وحديث غدير خم، وغيرها، كما حذَّرهم (صلى الله عليه وآله) من مغبّة التضليل والافتتان والردّة.
ثمّ يستمرّ بسرد أهمّ الأحداث التاريخية، ودخول يزيد إلى معمعة السلطة ممَّا أدّى إلى وقوع ملحمة كربلاء، ويبيّن استنتاجاته فيها التي أدَّت به إلى التشيّع والانتماء إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
ويلخّص المؤلف في نهاية الكتاب رحلته السريعة في رحاب المعتقد، بإعلان أهمّية الرجوع إلى أصل المعتقدات لإعادة بناء القناعة بها، على أسس علمية دقيقة، بعيداً عن ذوي التقليد.
مجلة ولاء الشباب العدد (5)