المشاهدة

السؤال: ورد عن مولانا صاحب الأمر والزّمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف): «... وَسَيَأتِي شِيعَتِي مَن يَدَّعِي المُشَاهَدَةَ، أَلَا فَمَن ادَّعَى المُشَاهَدَةَ قَبلَ خُرُوجِ السُّفيَانِيِّ وَالصَّيحَةِ فَهُوَ كَاذِبٌ مُفتَرٍ...»[1]، فهل معنى المشاهدة الواردة في الحديث هي الرّؤية البصرية، أو ادعاء السّفارة واللّقاء بالإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أو ماذا؟

الجواب: إنّ معنى المشاهدة في رواية الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) على رأي أكثر علمائنا هي السّفارة أو النّيابة الخاصّة (وهي تعني: أن الإمام عليه يجعل أحد الأشخاص واسطة بينه وبين المؤمنين؛ لإيصال توجيهات وإرشادات الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) لعموم المؤمنين)؛ بقرينة نفس الحديث، فإنّه(عجل الله تعالى فرجه الشريف) أرسل كتابه إلى السّفير الرّابع (وهو السّفير الأخير): «يَا عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ، أَعظَمَ اللهُ أَجرَ إِخوَانِكَ فِيكَ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَينَكَ وَبَينَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَأَجمِع أَمرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ يَقُومَ مَقَامَكَ بَعدَ وَفَاتِكَ، فَقَد وَقَعَتِ الغَيبَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا ظُهُورَ إِلَا بَعدَ إِذنِ اللهِ عزّ وجلّ، وَذَلِكَ بعدَ طُولِ الأَمَدِ وَقَسوَةِ القُلُوبِ، وَامتِلَاءِ الأَرضِ جَوراً»، فالإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف) يشير إلى أنّ السّفارة الخاصّة التي كانت من أربعة سفراء (في فترة الغيبة الصغرى) قد انتهت، ولا سفارة خاصة بعد ذلك حتّى الظّهور المبارك له(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وقد وقعت الغيبة الكبرى، فكلّ من ادعى أنّه سفير خاص يلتقي بالإمام المهديّ(عجل الله تعالى فرجه الشريف) فهو كذّاب مفترٍ، وعلى هذا الأساس فإنّ الحديث المتقدّم لا يشمل العلماء والصّالحين الّذين تشرّفوا بلقاء ومشاهدة الإمام(عجل الله تعالى فرجه الشريف)؛ إذ أنّه من الثّابت بالاستفاضة أو التّواتر مشاهدة عدد كبير من رجال الشّيعة وعلمائهم وفضلائهم للإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، في زمان الغيبة الكبرى، وقد أفرد بعض مؤلفينا كتباً في ذكر أخبار عمّن لقي الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) بعد انقضاء عصر السّفراء الأربعة.

إذاً ينتج لدينا: أنّ كلّ من يدّعي السّفارة الخاصّة في زمن الغيبة الكبرى قبل ظهور السّفياني وقبل وقوع الصّيحة فلا يصدّق أبداً.

مجلة اليقين العدد (61)


[1] كمال الدّين، الصّدوق: ص516، ح44، الغيبة للطوسي: ص395، ح365.