اسمه وكنيته:
أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، المعروف بابن الحنفية.
ولادته: وُلد محمّد سنة 16 هـ.
سبب التسمية بابن الحنفيّة:
قيل إن بني أسد أغارت على بني حنيفة في خلافة أبي بكر فسبوا خولة بنت جعفر، وقدموا بها المدينة فباعوها من علي (عليه السلام)، وبلغ قومها خبرها، فقدموا المدينة على علي(عليه السلام) فعرفوها، وأخبروه بموضعها منهم، فأعتقها ومهرها وتزوجها، فولدت له محمداً فكناه أبا القاسم[1].
أخلاقه وسيرته:
ذكر ابن سعد في طبقاته: أنّ محمّد ابن الحنفيّة كان أحدَ أبطال الإسلام، فقد كان له نصيبٌ من الشجاعة[2]. وذكر ابن خلّكان أنّه كان ورعاً واسِع العلم[3].
أمّا أخلاقه في بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد نَمَت في أجواءٍ نورانيّة زاكية، حتّى جاء في الخبر عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: (ما تكلّم الحسين (عليه السلام) بين يدَي الحسن (عليه السلام) إعظاماً له، ولا تكلّم محمّد ابن الحنفيّة بين يدَي الحسين (عليه السلام) إعظاماً له)[4].
وقد استُثير بقول بعضهم: لِمَ كان أبوك يزِجّ بك في المعارك، بينما يضنّ بالحسن والحسين (أي يُؤخّرهما حرصاً عليهما)، فأجاب على الفور: (كان الحسنُ والحسين (عليه السلام) عينَي أبي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكنتُ يَدَيه، والمرءُ يَقي عينيه بيدَيه)[5].
وقال عنه الشيخ المفيد: لا بِدْعَ في ابن حيدرةَ إذا كانت له مواقف محمودة في الجَمل وصفّين والنهروان، وكانت الراية معه، فأبلى بلاءً حسَناً سجّله له التاريخ وشكره له الإسلام. وخطبتُه التي أرتجلها يوم صفّين في مدح أبيه (عليه السلام)، وهو واقف بين الصفَّين، تشهد له بالفصاحة والبلاغة على أتمّ معانيها، فهو جليل القدر عظيم المنزلة[6].
مع أمير المؤمنين (عليه السلام): عاش جُلَّ عصر أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وارتوى مِن عذب سيرته، وكان المطيعَ لأمرِ والده وفي خدمته، وقد بعثه أمير المؤمنين (عليه السلام)
إلى الكوفة برفقه محمّد بن أبي بكر، وكان على الكوفة أبو موسى الأشعري، فأساء أبو موسى القول لهما وأغلظ وقال: إنّ بيعة عثمان لفي رقبة صاحبكم وفي رقبتي، ثمّ قام على المنبر يكلّم الناس ويحرّضهم على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال محمّد ابن الحنفيّة لمحمّد بن أبي بكر: يا أخي، ما عند هذا خير، أرجِعْ بنا إلى أمير المومنين (عليه السلام) نُخبره الخبر. ولمّا عاد أعطاه أمير المؤمنين (عليه السلام) الرايةَ في حرب الجمل، وأوصاه قائلاً له: (تَزول الجبالُ ولا تَزُل، عَضَّ على ناجذِك، أعِرِ اللهَ جُمجمتَك، تِدْ في الأرض قدمَك (أي ثَبّتْها)، إرمِ ببصرِك أقصى القوم، وغُضَّ بصَرَك، وأعلمْ أنّ النصر مِن عندِ الله سبحانه)[7].
وفي صِفّين أوصاه والده أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: ( يا بُنيّ.. إمشِ نحو هذه الراية مَشْياً وَئيداً على هيئتك، حتّى إذا شُرِعتْ في صدورهم الأسنّة فأمسِكْ.. حتّى يأتيَك رأيي). يقول سُلَيم بن قيس: ففعل، وذلك بعد أن ثارت على الأمير عصابة عددها أربعة آلاف من معسكر معاوية، فأعدَّ مِثْلَهم، ثمّ دنا محمّد وأشرع الرماحَ في صدورهم، فأمر الإمام علي (عليه السلام) الذي كان أعدَّهم أن يحملوا معهم، فشدّوا عليهم، ونهض محمّد ابن الحنفيّة ومَن معه في وجوههم، فأزالوهم عن مواقفهم، وقَتَلوا عامّتَهم[8].
وفاته:
ذكر المؤرّخون أنّ وفاة محمد أبن الحنفيّة كانت سنة 81 هـ، وقيل: سنة 87 هـ.
مجلة بيوت المتقين العدد (43)