صلاة الاستئجار

حضر جاري لبيتي فخرجت له مرحباً، فقال لي: وددت أن أسألك عن شخص ربما تعرفه؟

فقلت له: ومن هو؟

قال: معتمد مرجعية السيد السيستاني(دام ظله) هل تعرفه؟

قلت: بلى، ولأي غرض تريده؟

قال جاري: أخرج أبي وأعمامي ثلث تركة جدي، وقد أوصى رحمه الله بصلاة تقضى عنه، فطلبوا مني إيصال مبلغ الصلاة لمعتمد مرجعية السيد(دام ظله).

فقلت له: انتظرني هنيئة لأغيّر ملابسي! فذهبت معه لمعتمد المرجعية، وأعطنياه المال عن قضاء الصلاة التي في ذمة جده.

فقال المعتمد: كم سنة في ذمة المرحوم؟

فقال حفيده: تسع سنين.

فقال المعتمد: بقضاء الصلاة عن المرحوم تبرأ ذمته بإذن الله، وإلا تبقى معلقة بها، فجزاكم الله خير الجزاء بما فعلتم.

فسألت المعتمد: هل تجوز النيابة عن الأحياء أيضاً في الصلاة الواجبة مع عجزهم عنها؟

فقال المعتمد: لا يجوز.

فقلت: وهل تجوز النيابة عنهم في الصلوات المستحبة.

فقال: نعم، يجوز، وأما الأموات فتجوز النيابة عنهم في المستحبات والواجبات والتي هي من باب أولى.

فقلت: وهل تفرغ ذمتهم؟

فقال: تفرغ ذمتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصياً، أو ولياً، أو وارثاً، أو أجنبياً.

فقلت: وما يعتبر في الأجير؟

فقال: يعتبر في الأجير العقل، وكذا الإيمان والبلوغ على الأحوط لزوماً، كما يعتبر احتمال صدور العمل منه صحيحاً بحيث يمكن إجراء أصالة الصحة فيه، ويكفي في إجرائها احتمال كونه عارفاً بأحكام القضاء اجتهادا أو تقليداً، أو عارفاً بطريقة الاحتياط.

فقلت: وماذا يقول في النية عند الشروع بها؟

قال: يجب على الأجير أن يقصد النيابة عن الميت، بأن يأتي بالعمل القربي مطابقاً لما في ذمة الميت بقصد تفريغها.

فقلت: وهل يجوز استئجار المرأة عن الرجل؟

قال: يجوز كل من الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة.

فقلت: ومسألة الجهر والاخفات في القضاء بالنسبة للمرأة كيف تحل؟

قال: بصورة عامة يراعى حال الأجير، فالرجل يجهر بالجهرية وإن كان نائباً عن المرأة، والمرأة لا جهر عليها وإن نابت عن الرجل.

فقلت: وهل يجوز استئجار ذوي الأعذار؟

قال: لا يجوز استئجار ذوي الأعذار مطلقاً على الأحوط، كالعاجز عن القيام، أو عن الطهارة الخبيثية، أو المسلوس، أو المتيمم إلا إذا تعذر غيرهم.

فقلت: وإذا حصل للأجير شك أو سهو فما يعمل؟

قال: يعمل بأحكامهما بمقتضى تقليده أو اجتهاد ولا يجب عليه إعادة الصلاة، هذا مع إطلاق الإجارة وإلا لزم العمل على مقتضى الإجارة.

فقلت: وهل يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل؟

قال: إذا كانت الإجارة على نحو المباشرة لا يجوز.

فقلت: وإن لم تكن على نحو المباشرة، فهل يجوز أن يستأجر غيره بالأقل قيمة من أجرة الإجارة؟

قال: لا يجوز، إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً.

فقلت: إذا لم تعين كيفية العمل من حيث الاشتمال على المستحبات وغيرها، كيف يؤتى بالعمل؟

قال: يجب الإتيان به على النحو المتعارف.

فقلت: وإذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل والأكثر فماذا يعمل؟

قال: جاز الاقتصار على الأقل، وأما إذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.

فقلت: وهل يجب تعيين المنوب عنه؟

قال: يجب ولو إجمالاً، مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.

فقلت: وإذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير، ما يكون حال الإجارة؟

قال: انفسخت الإجارة.

فقلت: وهل يجوز الإتيان بصلاة الاستئجار جماعة؟

قال: نعم يجوز، إماماً كان الأجير أم مأموما، ولكن إذا كان الإمام أجيراً ولم يعلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة، بأن كانت صلاته احتياطية، أشكل الائتمام به، ولو كان المأموم أجيراً وكانت صلاته احتياطية لم يكن للإمام ترتيب أحكام الجماعة على اقتدائه.

فقلت: وإذا مات الأجير قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه وقد اشترط فيه المباشرة؟

قال: تبطل الإجارة، ووجب على الوارث رد الأجرة المسماة من تركته.

فقلت: وإن لم تشترط المباشرة؟

قال: وجب على الوارث الاستئجار من تركته، كما في سائر الديون المالية، وإذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء ويبقى الميت مشغول الذمة بالعمل أو بالمال.

فقلت: وماذا يفعل شخص قد آجر نفسه لصلاة شهر مثلاً، فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر؟

قال: يجب الاحتياط بالجمع.

فقلت: وكيف أعرف إنهاء العمل من قبل الأجير؟

قال: الأحوط استحبابا اعتبار عدالة الأجير حال الأخبار بأنه أدى ما استؤجر عليه، وإن كان الظاهر كفاية الاطمئنان بصدق.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (57)