عقيدتنا في اللعن

يتّهم بعض الجاهلين الشيعة أنهم سبّابون لعّانون، ولو رجع هؤلاء الى قرآنهم وسنة نبيهم لعلموا أنهم مخطئون لأنهم لا يلعنون، واللعن ثقافة قرآنية وردت فيه آيات كثيرة، وسنبين هذا الأمر فيما يأتي:

معنى اللعن هو: الدعاء على شخص أو أشخاص أن يبعدهم الله تعالى ويطردهم عن رحمته.

وهو جائز وثابت في الشريعة الإسلامية. والدليل على جوازه من القرآن الكريم آيات كثيرة، منها:

(1) قوله تعالى: ((إنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافرينَ وَأَعَدَّ لَهمْ سَعيرًا))[1].

(2) قوله تعالى: ((إنَّ الَّذينَ يؤْذونَ اللَّهَ وَرَسولَه لَعَنَهم اللَّه في الدّنْيَا وَالْآخرَة وَأَعَدَّ لَهمْ عَذَابًا مّهينًا))[2].

(3) قوله تعالى: ((...أَلاَ لَعْنَة اللّه عَلَى الظَّالمينَ))[3].

(4) قوله تعالى: ((...لَّعْنَة اللّه عَلَى الْكَاذبينَ))[4].

(5) قوله تعالى: ((...أولَـئكَ يَلعَنهم اللّه وَيَلْعَنهم اللَّاعنونَ))[5].

ومن السنة الشريفة روايات كثيرة، منها:

(1) قوله (صلى الله عليه وآله): ((لعنة الله على الراشي والمرتشي))[6].

(2) قوله (صلى الله عليه وآله): ((من أحدث في المدينة حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله))[7].

(3) قوله (صلى الله عليه وآله): ((إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله))[8].

(4) قوله (صلى الله عليه وآله): ((جهّزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه))[9].

فالشيعة لا يلعنون أحداً إلا من لعنه الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، أو لعنه الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله)وأهل بيته الميامين (عليهم السلام) في السنّة الشريفة.

فقد لعن الله سبحانه وتعالى المنافقين والمنافقات في كتابه الكريم بقوله: ((وَيعَذّبَ المنَافقينَ وَالمنَافقَات وَالمشركينَ وَالمشركَات الظَّانّينَ باللَّه ظَنَّ السَّوء عَلَيهم دَائرَة السَّوء وَغَضبَ اللَّه عَلَيهم وَلَعَنَهم وَأَعَدَّ لَهم جَهَنَّمَ وَسَاءت مَصيرًا))[10]،  وعليه حقّ لنا أن نلعن كلّ من ثبت بالأدلّة القطعيّة نفاقه وفسقه.

كما لعن سبحانه وتعالى أيضاً الذين في قلوبهم مرض بقوله: ((أولَئكَ الَّذينَ لَعَنَهم اللَّه فَأَصَمَّهم وَأَعمَى أَبصَارَهم))[11].

 ولعن أيضاً الظالمين بقوله: ((... أَلاَ لَعنَة اللّه عَلَى الظَّالمينَ))[12].

ولعن أيضاً كلّ من آذى رسول الله (صلى الله عليه وآله)بقوله: ((إنَّ الَّذينَ يؤذونَ الله وَرَسولَه لَعَنَهم اللَّه في الدّنيَا وَالآخرَة وَأَعَدَّ لَهم عَذَابًا مّهينًا))[13].

وأمّا بالنسبة إلى من لعنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقد لعن كلّ من تخلّف عن جيش أسامة[14]،

ولعن أيضاً معاوية وأباه وأخاه بقوله (صلى الله عليه وآله): ((اللهم العن القائد والسائق والراكب)) فالراكب هو أبو سفيان ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق[15].

كما لعن أيضاً الحكم بن العاص وابنه مروان[16].

ولعن (صلى الله عليه وآله)عمرو بن العاص بقوله:((اللهم إنّ عمرو بن العاص هجاني وهو يعلم أنّي لست بشاعر، فاهجه والعنه عدد ما هجاني))[17].

كما أنّه (صلى الله عليه وآله)لعن آخرين، ومن هنا جاز لنا أن نلعن من لعنه النبي الكريم (صلى الله عليه وآله).

ثم إن بعض الصحابة والتابعين لعنوا بعض أكابر الصحابة؟!! من قبيل معاوية ابن أبي سفيان، فإنّه لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) مدّة أربعين سنة من على المنابر، مع أنّ النبي (صلى الله عليه وآله)قال في علي(عليه السلام): ((من سبّ علياً فقد سبّني)) أخرجه الحاكم وصححه[18].

 كما بالغ مروان بن الحكم في سبّ الإمام علي (عليه السلام) ولعنه وانتقاصه حتّى امتنع الإمام الحسن (عليه السلام) عن الحضور في الجامع النبوي[19].

ويقول ابن حجر الهيثمي في كتاب الصواعق المحرقة: ص 85: (أمّا الرافضة والشيعة ونحوهما إخوان الشياطين وأعداء الدين - الى أن يقول -: فعليهم لعنة الله وملائكته والناس أجمعين).

ويفسّر الرافضي في ص 9 من الكتاب بقوله: (إنّ الرافضي من يقدم علياً على أبي بكر وعمر).

فإذاً يكون سلمان الفارسي وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم حتّى النبي (صلى الله عليه وآله)كلّهم من الرافضة، فهؤلاء يسبّونهم ويلعنونهم الى يومنا هذا.

 فحينئذ طعنهم على الشيعة بأنّهم يسبّون بعض الصحابة ليس إلا تضليلا إعلاميّاً ضدّهم، وللشيعة على لعن بعض الصحابة برهان قاطع كما ذكرنا.

 


[1] الأحزاب: 64.

[2] الأحزاب: 57.

[3] هود:18.

[4] آل عمران:61.

[5] البقرة:159.

[6] الريشهري: ميزان الحكمة: ج92:4.

[7] كتاب الأربعين للقمي الشيرازي: ص 583.

[8] الفصول المهمة في أصول الأئمة، شرف الدين الموسوي: ج1، ص522. 

[9] الملل والنحل، الشهرستاني: ج1، ص23.   

[10] الفتح:6.

[11] محمّد:23.

[12] هود: 18.

[13] الأحزاب:57.

[14] راجعوا الملل والنحل،الشهرستاني: ج1، ص23, وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج6، ص52.

[15] راجع وقعة صفّين ص217 ، والنهاية في غريب الحديث والأثر 4 / 87.

[16] تاريخ ابن الأثير: ج3، ص199.  

[17] علاء الدين الهندي: كنز العمّال 13: 548.

[18] مستدرك الحاكم: ج3، ص130.

[19] تطهير الجنان واللسان: أبو حجر الهيثمي: ص142.