قثم بن العباس

اسمه ونسبه: قثم بن العباس بن عبد المطلب.

ولادته: لم نعثر على تاريخ ولادته:

اخباره:

عيّن الإمام علي (عليه السلام) قثم بن العبّاس والياً على مكّة لورعه وتقواه.

وفي آخر صلاة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده الشريف خرج النبي (صلى الله عليه وآله) متكئاً على الإمام علي (عليه السلام) وقثم بن العبّاس.

أُمّه لبابة بنت الحارث الهلالية ثاني امرأة أسلمت بعد خديجة أُمّ المؤمنين.

عن أبي إسحاق قال: قيل لقثم بن العباس كيف ورث علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) دونكم فقال: (إنه كان أوّلنا لحوقاً وأشدّنا لزوقاً)[1].

واستمرّ قثم والياً على مكّة وخادماً لأمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن استشهد الإمام في سنة 40هـ.

كتاب الإمام (عليه السلام) إلى قثم:

( أمّا بعد، فإنّ عيني ـ بالمغرب ـ كتب إليّ يعلمني أنّه وجّه على الموسم أُناس من أهل الشام العمي القلوب، الصمّ الأسماع، الكمه الأبصار، الذين يلتمسون الحقّ بالباطل، ويطيعون المخلوق في معصية الخالق، ويحتلبون الدنيا درّها بالدين، ويشترون عاجلها بآجل الأبرار والمتّقين، ولن يفوز بالخير إلاّ عامله، ولا يجزى جزاء الشرّ إلاّ فاعله. فأقم على ما في يديك قيام الحازم الصليب، والناصح اللبيب، والتابع لسلطانه، المطيع لإمامه. وإيّاك وما يعتذر منه، ولا تكن عند النعماء بطراً، ولا عند البأساء فشلاً، والسلام)[2].

وعلق ابن ابي الحديد وابن ميثم على الكتاب بما هو آت: كان معاوية قد بعث إلى مكة دعاة في السر يدعون إلى طاعته، ويثبطون العرب عن نصرة امير المؤمنين (عليه السلام)، ويوقعون في أنفسهم انه اما قاتل لعثمان او خاذل له وعلى كلا التقديرين لا يصلح للإمامة، وينشرون عندهم محاسن معاوية - بزعمهم - واخلاقه وسيرته في العطاء، فكتب امير المؤمنين (عليه السلام) إلى (قثم بن العباس) عامله بمكة ينبهه على ذلك ليعتمد فيه على ما تقتضيه السياسة[3].

رسالة أُخرى إلى قثم:

(أمّا بعد، فأقم للناس الحجّ، وذكّرهم بأيّام الله، واجلس لهم العصرين، فأفت المستفتي، وعلّم الجاهل، وذاكر العالم. ولا يكن لك إلى الناس سفير إلاّ لسانك، ولا حاجب إلاّ وجهك. ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها، فإنّها إن ذيدت عن أبوابك في أوّل وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها. وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة، مصيباً به مواضع الفاقة والخلاّت وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا.

ومر أهل مكّة ألاّ يأخذوا من ساكن أجراً، فإنّ الله سبحانه يقول: (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ)[4]، فالعاكف: المقيم به، والبادي: الذي يحجّ إليه من غير أهله، وفقَنا الله وإِيَّاكُم لِمَحَابِّه والسلام)[5].

وشرعت رسالة الإمام علي (عليه السلام) في بيان وظيفة الوالي أن يجلس للناس صباحاً ومساءً جلسة عمومية يفتي فيهم في المسائل الشرعية ويُعلّم الجاهل ويذاكر العالم منهم، وأن يخاطبهم مباشرة، ولا ينصب الحُجّاب على بابه فيمنعون الناس منه ويقابل أهل الحاجة. وابدأ بتقسيم المال بين ذوي الحاجة في بلدك ثمّ احمل إلينا الزائد عن حاجتك. ويأمر أهل مكّة بعدم أخذهم الأجر عن سكنهم في البلد تبعاً للآية القرآنية.

وفاته:

استشهد بسمرقند، وقبره خارج سور سَمَرقند في قبّة عالية معروفة بمزار شاه يعني: السلطان الحيّ.

مجلة بيوت المتقين العدد (69)

 


[1] أسد الغابة، ابن الأثير: ج4، ص197.

[2] نهج البلاغة: ص407.

[3] شرح النهج، ابن أبي الحديد: ج4، ص12، وشرح النهج، ابن ميثم: ج5، ص72.

[4] الحج: آية 25.

[5] نهج البلاغة: ص458.