للدّيانة اليهود طوائف متعدّدة منها ما هو متشدّد ومتعصّب ومنها دون ذلك، ولكن الوصف العام لتلك الطوائف اليهودية لا يخرج عن العنصرية اليهودية، وأفضلية اليهودي على غيره.
في هذا المقال سنتعرّف على طائفة من طوائف الديانة اليهودية تسمّى بطائفة الحريديم.
الحريديم:
هي جمع للكلمة العبرية (حريد)، وتعني: الشديد الخوف، أو المرتعب من الله، أو (التقي)، وأصل الكلمة مأخوذة من الفعل (حرد)، بمعنى غضب، وبخل، واعتزل الناس، وهي من الكلمات الدارجة في الخطاب اليومي الإسرائيلي سواء في المجتمع أم في وسائل الإعلام، وتعني اليهودي الأرثوذكسي المتزمّت دينياً، وتحديداً اليهود المتدينين[1].
طبيعة معتقداتهم:
هم طائفة تعتمد على الانغلاق والتقوقع ويمتازون بشدّة الإيمان الديني والانعزال بشكل متعمّد عن المجتمع غير الحريديم؛ ولذلك لهم قرى ومدن خاصّة فيهم في دولة الاحتلال.
ومن معتقداتهم أنّهم يحرّمون تحديد النسل ويمتازون بكبر عدد العائلة بالنسبة للعلمانيين الذين يُحجمون عن الزواج والإنجاب، كما أنّهم يُحرّمون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ويعتقدون أنّ التوراة الحالية هي المنزلة والمعصومة من الخطأ، ويجب الإيمان بما ورد فيها دون تحريف، وكما أنّهم يقدّسون التلمود بشكل كبير؛ لذلك فإنّ أغلب ممارساتهم الدينية ومعتقداتهم مأخوذة منه، ومن اعتقاداتهم أنّ الله وحده هو الذي يسيطر على قدر الإنسان ومستقبله؛ ولذلك فهم يعتقدون ويؤمنون أنّ الإنسان مسير لا مخيّر.
ويعتبر الحريديم من أشدّ الطوائف اليهودية اعتراضاً على الحركة الصهيونية وقيام الدولة اليهودية، فيعتبرون أنّ إقامة دولة يهودية هي بمثابة تمرّد على شعوب العالم، وترى حركة (ناطوري كارتا) أنّ إقامة دولة يهودية علمانية كفر، وهي من أشدّ المعارضين لقيام دولة إسرائيل وترفض التعاون معها، وفي احتفال اليوم الوطني لدولة الاحتلال تقوم الحركة بحرق العلم الإسرائيلي؛ إذ تعتقد هذه الحركة أنّه لا يحق لليهود إعلان دولتهم الخاصة بهم، إلّا بعد مجيء المسيح[2].
مظهرهم وعاداتهم:
يمتازون بارتدائهم القبعات والملابس السوداء، ويستعملون القماش الخالص دون خلط، فإمّا أن يلبسوا الحرير الخالص، أو الفرو الخالص، أو الكتّان الخالص، أو القطن، ولم يكونوا يلبسون الصوف خوفاً من اختلاطه بالكتّان؛ والسبب في ذلك لتحريمه بنص التوراة وهو يسمّى (شعطنز)؛ ولذلك تجد أنّ لديهم مختبر يقوم بفحص الملابس ويتم تعيين حاخام مزكّى منهم يقوم بالتأكد من خلوها من مادة خليطة، ومعروف عنهم أنّهم لا يحلقون لحاهم ويطيلون جانبي شعر رؤوسهم ويجعلونه مثل الضفائر وتسمّى بلغتهم بـ (فئوت)، ويجب أن لا يقل طول هذه الضفائر عن شحمة الأذن أو أكثر، ويمكن أن تصل إلى خصر الإنسان أحياناً، ويمكن أن تلف خلف الأذن أحياناً إن كانت قصيرة، كما أنّهم يمتازون عن باقي الطوائف بالفصل الكامل بين الذكور والإناث منذ الصغر، وهي ظاهرة معروفة بينهم سواء في المدارس، أم في الأماكن العامّة، أم في الكنيست أم غيرها، ومن عاداتهم التعجيل في سن الزواج بحيث يكون عادةً قبل سن العشرين للجنسين، ومن الطبيعي أن يكون عدد الأولاد ما يزيد عن العشرة أو الأحد عشر في العائلة الواحدة.
كما أنّهم يعتمدون بشكل كبير على المرأة أكثر من الرجل، فوظيفة الرجل دراسة التوراة في المدرسة أو المعهد الديني، ووظيفة المرأة العمل وإعالة العائلة وتحمّل أعبائها[3].
مكان تواجدهم:
التجمّع الحريدي الأوّل في فلسطين المحتلّة في بعض حارات مدينة القدس كما في ضاحية (ميا شيارديم)، وفي بني براك المجاورة لمدينة تل الربيع (تل أبيب) من جانبها الشرقي، ومن أشهر مستوطناتهم التي أنشأتها لهم دولة الاحتلال هي (موديعين عيليت) و(بيتار عيليت) و(إلعاد).
والتجمّع الثاني موجود في الولايات المتحدة، ويبلغ عددهم قرابة النّصف مليون أغلبهم في مدينة نيويورك.
عنصريتهم:
فقد سُئل الحاخام (غينسبرغ) عمّا إذا كان هناك يهودي يحتاج إلى كبد، فهل يمكنك أن تأخذ كبد شخص غير يهودي بريء، يمرّ بالصدفة من أجل إنقاذه؟ فكان الجواب: إنّ التوراة تجيز لك ذلك.
وكذلك يرون جواز قتل الطفل غير اليهودي إذا رمى حجراً على يهودي؛ لأنّ الحياة اليهودية لا تقدّر بثمن عندهم[4].
خلاصة القول:
إنّك لن تجد فرقاً بين اليهودي المتزمّت أو اليهودي العلماني بصورة عامّة؛ فأكثرهم عنصريون مجرمون يضحّوا بالبشرية من أجل أن يعيشوا هم، ولو كان هذا الأمر سيؤول إلى موت أحدهم أو تضرّره أو إعاقته، فجوهر الاعتقاد عندهم الحياة اليهودية، وأمّا غير ذلك فهو في الصفّ الثاني، أو يأتي بمرحلة أدنى.
المصدر: مجلة اليقين العدد (59)