1- عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَالَ قَالَ: (إِنَّ الأَئِمَّةَ فِي كِتَابِ الله عَزَّ وجَلَّ إِمَامَانِ قَالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى: (وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا)، لَا بِأَمْرِ النَّاسِ يُقَدِّمُونَ أَمْرَ الله قَبْلَ أَمْرِهِمْ وحُكْمَ الله قَبْلَ حُكْمِهِمْ، قَالَ: (وجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)، يُقَدِّمُونَ أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَمْرِ الله وحُكْمَهُمْ قَبْلَ حُكْمِ الله ويَأْخُذُونَ بِأَهْوَائِهِمْ خِلَافَ مَا فِي كِتَابِ الله عَزَّ وجَلَّ)[1].
2- عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِه الآيَةُ: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)، قَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ الله ألَسْتَ إِمَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) أَنَا رَسُولُ الله إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ ولَكِنْ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِي أَئِمَّةٌ عَلَى النَّاسِ مِنَ الله مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَقُومُونَ فِي النَّاسِ فَيُكَذَّبُونَ ويَظْلِمُهُمْ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ والضَّلَالِ وأَشْيَاعُهُمْ فَمَنْ وَالاهُمْ واتَّبَعَهُمْ وصَدَّقَهُمْ فَهُوَ مِنِّي ومَعِي وسَيَلْقَانِي أَلَا ومَنْ ظَلَمَهُمْ وكَذَّبَهُمْ فَلَيْسَ مِنِّي ولَا مَعِي وأَنَا مِنْه بَرِيءٌ)[2].
الشرح:
قوله (عليه السلام): (فَيُكَذَّبُونَ ويَظْلِمُهُمْ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ والضَّلَالِ)، دلّ على ذلك أيضاً ما رواه مسلم بإسناده عن رسول الله (عليه السلام): (قال إنّها ستكون بعدي أثرة وأُمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منّا ذلك؟ قال: تؤدّون الحقّ الّذي عليكم وتسألون الله الّذي لكم)[3].
وقال القرطبيّ: الاثرة أي الاستيثار بمال الله تعالى ومال المسلمين يعني إيثار بعضهم دون بعض أو الاستيثار بالخلافة والعهد أو يعني بالإثرة: الشدّة.
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (ستلقونه بعدي أثرة فاصبروا حتّى تلقوني على الحوض)[4]، وعن سلمة بن يزيد الجعفي أنّه سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: (يا نبيّ الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقّهم ويمنعوننا حقّنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثمّ سأله في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال: اسمعوا وأطيعوا فإنّما عليهم ما حمّلوا وعليكم حمّلتم)[5].
وما رواه عن حذيفة ابن اليمان قال: قلت: (يا رسول الله إنا كنّا بشر فجاءنا الله بخير فنحن فيه فهل من وراء ذلك الخير شرّ ؟ قال: نعم، قلت: هل وراء ذلك الشرّ خير ؟ قال: نعم قلت: هل وراء ذلك الخير شرٌّ، قال: نعم، قلت: كيف ؟ قال: يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي ولا يستنّون بعدي بسنّتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال: تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك واُخذ مالك فاسمع وأطع)[6].
وفي رواية اُخرى: (هم قوم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا وهم دعاة إلى أبواب جهنم)[7]. وله روايات متكثرة في هذا الباب تركناها خوفاً للإطناب.
أقول: الشرّ الأوّل: خلافة الثلاثة، والخير بعده خلافة عليّ (عليه السلام) والشرّ بعده خلافة معاوية وبني اُمية وبني عباس وهلمّ جرّا إلى قيام الحجّة (عليه السلام) . والمراد بالاُمراء: الشيوخ الثلاثة وأضرابهم والدّليل عليه سبعة أحاديث رواها مسلم في كتاب الصلاة منها ما رواه بإسناده عن أبي ذر قال قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كيف أنت إذا كان عليك اُمراء يؤخّرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها ؟ قال: قلت: فما تأمرني ؟
قال: صلّ الصلاة لوقتها فإن أدركت معهم فصلّ فإنّها لك نافلة)[8].
ومنها ما رواه بإسناده آخر عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا أبا ذر إنّه سيكون بعدي اُمراء يميتون الصلاة، فصلّ الصلاة لوقتها فإن صلّيت لوقتها كانت لك نافلة وإلاّ فقد أحرزت صلواتك)[9].
ومنها ما رواه بإسناد آخر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وضرب فخذي: (كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخّرون الصلاة عن وقتها ؟ قال: قلت: فما تأمرني ؟ قال: صلّ الصلاة لوقتها ثمّ اذهب لحاجتك فإن اُقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصلّ)[10].
ووجه الدّلالة أنّ هؤلاء الاُمراء ليسوا معاوية ومن بعده من الشياطين فإنّ أباذرّ لم يدرك زمان خلافتهم فتعيّن أن يكونوا الخلفاء الثلاثة وللعامّة في تفسير هذه الأحاديث كلمات واهية ومزخرفات باطلة لا يليق المقام بذكرها.
مجلة بيوت المتقين العدد (59)