جاء في أخبار أهل البيت (عليهم السلام) إن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه يخرج ليعيد الدين المنطمس إلى الحياة، وله في مهمته العظيمة هذه خصوم وأعداء، يقفون في طريقه ويمنعون مشروعه الديني المحمدي، فيضطر(عليه السلام) إلى حربهم، وهو أمر طبيعي، لكن الروايات تذكر أنه سيقاتلهم بالسيف، كما جاء عن محمَّد بن مسلم الثقفي الطحّان: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليِّ الباقر(عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم.
فقال لي مبتدئاً: «يا محمّد بن مسلم، إنَّ في القائم من أهل بيت محمَّد سنة (شَبَهاً) من خمسة من الرسل: يونس بن متى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمَّد (صلى الله عليه وآله).
فأما سنة من يونس بن متى: فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السن.
وأمّا سنة من يوسف بن يعقوب: فالغيبة من خاصّته وعامّته، واختفائه من إخوته، وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبيّ (عليه السلام) مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.
وأمّا سنّة من موسى: فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله عزَّ وجلَّ في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه.
وأمّا سنة من عيسى: فاختلاف من اختلف فيه حتّى قالت طائفة ما ولد، وطائفة منهم قالت مات، وطائفة قالت قتل وصلب.
و أمّا سنة من جدِّه المصطفى محمّد(صلى الله عليه وآله) فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله والجبارين والطواغيت، وأنَّه ينصر بالسيف والرعب، وأنّه لا تردّ له راية.
وانّ من علامات خروجه(عليه السلام) خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومناد ينادي من السماء باسمه واسم أبيه)[1].
ولرب سائل يسأل: المعركة بالمنظار العسكري غير متكافئة، فكيف للسيف أن يواجه الأسلحة المتطورة التي تقتل على بعد أميال؟
نقول: لم تذكر الرواية أن النصر يكون بالسيف فقط بل ضمت إليه الرعب، فثمة جانب غيبي وهو تصرّف الله تعالى بقلوب الأعداء بطريقة تجعلهم منهزمين غير قادرين على مواجهة السيف، حينذاك تكون الأسلحة التي يملكها أعداؤه مهما كان نوعها لا أهمية لها.
وثمة احتمال آخر وهو أن التعبير بالسيف كناية عن السلاح والقوة، لأن السيف يُعَدُّ رمزاً للسلاح فَعُبِّرَ عنه بالسيف.
فنحن في أخبار أهل البيت(عليهم السلام) وغيرهم وحتى نصوص القرآن الكريم، لا نتعامل مع معانيها على مستوى الظاهر دائماً، بل فيها من المجازات والكنايات والفنون والأغراض البلاغية الكثير الكثير، وهو ما يميز اللغة العربية عن بقية اللغات.
المصدر: مجلة اليقين العدد (43)