التَّسوُّل ظاهرة اجتماعية خطيرة، تهدد المجتمع، والتَّسوُّل فيه إهدار لكرامة الإنسان أمام الناس، وإن اتخاذ التَّسوُّل مهنة لجمع المال دليل على ضعف الثقة بالله تعالى، الذي ضمن الأرزاق لجميع مخلوقاته، وقد يدفع التَّسوُّل الشخص إلى ارتكاب الجرائم؛ فهو بداية الطريق للسرقات والانحراف.
طرق العلاج لهذه الظاهرة:
أولاً: التشجيع على العمل والكسب:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أفضل الكسب بيع مبرور، وعمل الرجل بيده )[1].
وعن أبي عبد الله الصـادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن الله عزوجل يحب المحترف الأمين)[2] وفي رواية أخرى: ( إن الله تعالى يحب المؤمن المحترف)[3].
وقد جعل الإسلام للعمل مزايا وخصوصيات، فالذي يعمل بيده ويحصل على رزقه عن طريق عمله، يغفر الله له الذنوب ويحصل على ثواب كبير، وهذه المفاهيم لو كانت مشاعة في المجتمع ومغروسة فيه لتوجّه الجميع إلى العمل الدؤوب المثمر.
عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)[4].
ثانياً: الحثّ على الاستغناء عن الناس وذمّ السؤال:
حثّ الإسلام على العمل والاستغناء عن الآخرين، ونهى عن السؤال.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الأيدي ثلاث: يد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد المعطى أسفل الأيدي، فاستعفوا عن السؤال ما استطعتم)[5].
وقال (صلى الله عليه وآله): (قلّة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر، وكثرة الحوائج إلى الناس مذلّة، وهو الفقر الحاضر)[6].
وخوّف الإسلام من نتائج السؤال وآثاره في الدنيا والآخرة. قال الإمام الصادق (عليه السلام):
(إيّاكم والسؤال، فإنه ذلّ في الدنيا، وفقر تستعجلونه، وحساب طويل يوم القيامة)[7].
فالتسوّل ذلّ، والإسلام كرّم المسلم وأعزّه ونهاه عن إذلال نفسه، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (طلب الحوائج إلى الناس استلاب للعزّ، ومذهبة للحياء، واليأس مما في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه، والطمع هو الفقر الحاضر)[8].
ثالثاً: التشجيع على الكفاف وذمّ الطمع:
الطمع وعدم القناعة بما هو موجود من مال، وعدم العيش بكفاف، يدفع بالبعض إلى التسوّل، ولذا شجّع الإسلام على القناعة والكفاف وذمّ الطمع.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (طوبى لمن هدى للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به)[9].
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (أتى رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: عَلّمني يا رسول الله شيئا، فقال (عليه السلام): عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغنى الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال: إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال: إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فإن يك خيرا أو رشدا اتبعته، وإن يك شرا أو غيا تركته)[10].
رابعاً: التوجه إلى الله:
التوجّه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والإلحاح به مع توفير شروطه، فإن الدعاء المصحوب بالسعي للحصول على العمل وعلى الرزق، يُحقّق للإنسان طلبه في الحصول عليه، فيستغني عن الآخرين ولا يضطرّ إلى التسوّل.
من دعاء للإمام السجاد (عليه السلام): (اللهم لا طاقة لي بالجهد، ولا صبر لي على البلاء، ولا قوة لي على الفقر، فلا تحظّر عليّ رزقي، ولا تكلني إلى خلقك، بل تفرّد بحاجتي وتولّ كفايتي)[11]. وهناك طرق اخرى سوف نتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله تعالى.
[1] ميزان الحكمة: ج10، ص122.
[2] الوسائل: ج9، ص134.
[3] الكافي: ج5، ص113.
[4] الكافي: ج5، ص88.
[5] الكافي: ج4، ص20.
[6] تحف العقول للحراني: ص10.
[7] وسائل الشيعة للعاملي: ج9، ص439.
[8] الكافي للكليني: ج2، ص149.
[9] المحجة البيضاء الفيض الكاشاني: ج6، ص51.
[10] من لا يحضره الفقيه للصدوق: ج4، ص411.
[11] الصحيفة السجادية: ص120.