في أحد الأيام أجابني صديقي لأنَّه يستعد للسفر إلى بلد آخر لغرض إجراء عملية لأبيه، وكان نوع العملية هو تبديل إحدى كليته بسبب إصابتها بالفشل الكلوي.
كنت أعلم سابقاً أنَّ والده مريض لكني لا أعلم أنه سيصل إلى هذه الدرجة.
المهم أنَّ الشيء الذي أراد أن يقوله صديقي لي أنَّ المتبرّع بالكلية لأبيه هو عمّه الذي يصغر أبيه بثلاث سنين، وما يقلق صديقي أنّه يخاف على عمّه من هذه العملية، ومن ناحية أُخرى هو لا يعلم مدى مشروعية التبرّع بالأعضاء مع انتشاره في الوقت الحاضر.
طمأنت صديقي وقلت له: نذهب إلى الشيخ إمام الجماعة في المسجد ونسأله عن هذا الأمر أو أيّ أمر آخر يخطر ببالك.
وفعلاً صلّينا الظهرين في مسجد حيّنا، وجلسنا أنا وصديقي مع الشيخ، وقصّ عليه الموضوع، وسأله: هل يجوز التبرّع بالعضو الحي للحي كما في الكلية. ومن الميت للحي بالوصية، سواء من المسلم للكافر، أم العكس؟ وهل تختلف الأعضاء في هذه المسألة بعضها عن بعضا؟
فأجابه الشيخ: أمّا تبرّع الحي ببعض أجزاء جسمه لإلحاقه ببدن غيره فلا بأس به،إذا لم يكن يلحق به ضرراً بليغاً، كما في التبرّع بالكلية لمَنْ لديه كلية أُخرى سليمة.
وأمّا قطع عضو من الميت بوصية منه لإلحاقه ببدن الحي فلا بأس به إذا لم يكن الميت مسلماً أو مَنْ بحكمه أو كان ممّا يتوقف عليه إنقاذ حياة مسلم، وأمّا في غير هاتين الصورتين، ففي نفوذ الوصية وجواز القطع إشكال. ولكن لا تثبت الديّة على المباشر للقطع مع الوصية على كلّ تقدير.
فسأله صديقي: هل أستطيع أن أتبرّع بأعضائي في حال موتي سريرياً إلى أشخاص يحتاجون إليها؟
أجابه الشيخ: الميت دماغياً مع استمرار رئتيه وقلبه في وظائفهما وإن كان ذلك عن طريق تركيب أجهزة الإنعاش الصناعية لا يعدّ ميتاً، ويحرم قطع عضو منه لإلحاقه ببدن الحيّ مطلقاً.
فسأله صديقي: هل أستطيع أن أتبرّع بأحد أعضائي أو جزء منه بإرادتي الشخصية ودون مقابل إلى أحد الأشخاص المحتاجين إليها؟
أجاب الشيخ: لا يجوز إن كان قطعه يلحق بك ضرراً بليغاً كما في قطع العين، وقطع اليد، ويجوز فيما إذا لم يكن كذلك كما في قطع قطعة من الجلد أو جزء من النخاع أو إحدى الكليتين لمَنْ لديه كلية أُخرى سليمة، ويجوز أخذ المال بإزاء الجزء المقطوع.
فقال له صديقي: في بعض الدول توجد منظمات للتبرّع بأعضاء البدن عن الميت يعني أسجل اسمي في المنظمة وأعلمهم عن الشيء الذي أتبرّع به؟
أجابه الشيخ: في نفوذ الوصية بقطع أعضاء المسلم بعد موته لإلحاقه ببدن الحي من غير أن تتوقف حياة الحي على ذلك إشكال.
وآخر سؤال قال صديقي للشيخ: بعض الناس وظيفتهم في المستشفى التنسيق بين مَنْ يودّ التبرّع ببعض أعضائه حيّاً أو ميتاً وبين المحتاجين لذلك، ومنها أن يكون التنسيق مع أهل الميت سريرياً مع بقاء قلبه بالنبض على أخذ بعض الأعضاء منه، فهل هذا العمل جائز؟
أجاب الشيخ: كما قلنا، الميت دماغياً مع استمرار رئتيه وقلبه في وظائفهما وان كان ذلك على تركيب أجهزة الإنعاش الصناعية لا يُعدّ ميتاً ويحرم قطع عضو منه لإلحاقه ببدن الحي مطلقا.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (51)