السفير الثاني محمد بن عثمان

السفيُر الثاني يُطلق على الرجل الثاني في سلسلة رجال السفارة الخاصة، في زمن الغيبة الصغرى لبقية الله الأَعظم(عجل الله فرجه الشريف)، وهو محمدُ بنُ عُثْمان بنِ سعيدِ العَمْريّ الأَسدي، والملقب بـ (الخلاني)، ويُكّنى (أَبا جعفر)، توّلى مَهَامَّ السَّفارة الخاصّة ما يقربُ (أَربعينَ سنةً)، وكان أَبو جعفرٍ ثِقَةً، عَدْلاً، أَميناً، بإِجماعِ الشيعة الإِمامية، وعند بعض المخالفين أيضاً، وكان(رضي الله عنه) هو وأَبوه وكيلين في خدمة صاحب الزمان(عجل الله فرجه الشريف)، ولهما منزلةٌ جليلةٌ عند الطائفة الحقّة[1].

قال الإِمامُ العسكريُّ(عليه السلام) -في حَقّه وحقِّ أَبيه- لأَحمدَ بنِ إِسحاق الأَشْعريِّ: «العَمْريُّ وابْنُهُ ثِقَتَانِ، فَمَا أَدّيَا إِليك، فَعنّي يُؤدِّيان، وَمَا قَالا لكَ فَعنّي يَقُولَانِ، فَاسْمَعْ لَهُمَا، وَأَطِعْهُما، فَإِنّهُمَا الثِّقَتَانِ المَأْمُونَانِ»[2].

وقد سمع محمدُ بنُ عثمان من كلا الإِمامينِ أَبي محمدٍ العَسكريّ(عليهما السلام)، والإِمامِ المهديِّ المنتظر(عجل الله فرجه الشريف) وروى عنهما(عليهما السلام)، وله كتبٌ مصنَّفةٌ في الفِقه مِمّا سَمِعهُ منهما ومن أَبيهِ عنِ الإِمامينِ الهادي والعسكريّ(عليهما السلام)، منها كتاب (الأشربة)[3].

وروى الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة: ص361) بسندهِ إلى عبدِ اللهِ بنِ جعفر الحِميري قال: خرج التوقيع إِلى أَبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العَمْري في التعزية بأَبيهِ، وفيه:

«أَجزل اللهُ لكَ الثَّواب، وأَحسنَ لكَ العزاءَ، رُزِئْتَ وَرُزْئِنَا، وَأَوْحَشَكَ فِراقُهُ وَأَوْحَشَنَا، فَسرَّهُ اللهُ في مُنْقَلَبهِ، وَكانَ مِن كَمَالِ سَعَادتهِ أَن رَزَقهُ اللهُ تَعالى وَلَدَاً مِثْلَكَ، يخلفُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَيقومُ مَقامَهُ في أَمرهِ، وَيَتَرحمَ عليهِ، أَعانكَ اللهُ، وَقَوّاكَ، وَعَضَدَكَ، وَوَفّقكَ، وَكَانَ لكَ وَليّاً، وَحَافِظاً، وَرَاعِياً، وَكَافِياً».

توفي محمد بن عثمان(رضي الله عنه) في جمادى الآخرة (أَو الأُولى) سنة (304)هـ‍، وَمَرْقدُهُ شَاخِصٌ بِبغدادَ، في مَحلّةِ (الِخلّاني)، نِسبةً إِليهِ، وهو أَحد المراكز والمعالم الشيعية في بغداد، يَقْصدُهُ النَّاسُ للزيارة.

 

المصدر: مجلة اليقين العدد (27)، الصفحة (11).

 


[1] رجال العلامة الحلي: ص149.

[2] كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص360 .

[3] الغيبة للشيخ الطوسي: ص 361.