في ليلة من ليالي الشتاء الباردة !
كان المطر يهطل بشده، معانقا الأرض التي اشتاق لها كثيرا .. بعد طول غياب كان البعض ممسكا بمظله تحميه من المطر والبعض يجري ويحتمي بسترته من المطر...
في هذا الجو البارد والمطر الشديد كان هناك رجل واقف كالصنم ! بملابس رثه .. قد تشقق البعض منها لا يتحرك .. حتى أن البعض ظنه تمثالا ! شارد الذهن .. ودمعة تبعث الدفئ على خده
نظر له أحد المارّة باستحقار .. سائلا .. ألا تملك ملابس أفضل ؟ واضعا يده في محفظة النقود وبعينيه نظرة تكبر قائلا : هل تريد شيئا ؟
فرد بكل هدوء : أريد أن تغرب عن وجهي !
فما كان من السائل إلا أن ذهب وهو يتمتم...تبا لهذا المجنون !
جلس الرجل تحت المطر لا يتحرك إلى أن توقف المطر ! ثم ذهب بعدها إلى فندق في الجوار !!
فأتاه موظف الاستقبال ... وقال له: لا يمكنك الجلوس هنا ويمنع التسول هنا رجاءا !
فنظر إليه نظرة غضب .. وأخرج من سترته مفتاح عليه رقم b1(( رقم 1 هو أكبر وأفضل جناح في الفندق حيث يطل على النهر ))ثم أكمل سيره إلى الدرج والتفت إلى موظف الاستقبال قائلا !
سأخرج بعد نصف ساعة .. فهلا جهزت لي سيارتي (وأشار إلى سيارة فاخرة تقف على باب الفندق) ؟
صعق موظف الاستقبال مما يرى ويسمع ..فحتى جامعي القمامة يرتدون ملابس أفضل منه !!
ذهب الرجل إلى جناحه وبعد نصف ساعة خرج رجل ليس بالذي دخل !!
حيث كان يرتدي ملابس فاخره .. و يعكس الإضاءة من نظافته !
لا يزال موظف الاستقبال في حيرة من أمره !
خرج الرجل راكب سيارته الفاخرة ! مناديا الموظف ... كم مرتبك ؟
فأجاب الموظف : كذا يا سيدي
الرجل : هل يكفيك ؟
الموظف : ليس تماما يا سيدي
الرجل : هل تريد زيادة ؟
الموظف : من لا يريد الزيادة يا سيدي
الرجل : أليس التسول ممنوع هنا ؟
الموظف بإحراج : بلا
الرجل : تباً لكم .. ترتبون الناس حسب أموالهم فسبحان من بدل سلوكك معي في دقائق
وأردف قائلا : في كل شتاء أحاول أن أجرب شعور الفقراء !
اخرج بلباس تحت المطر كالمشردين ..كي أحس بمعاناة الفقراء !
أما انتم فتبا لكم .. من لا يملك مالا ليس له احترام عندكم ..وكأنه عار على الدنيا
إن لم تساعدوهم ... فلا تحتقروهم...
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (29)، صفحة (26)