قال الإمام الرضا(عليه السلام): (الذين مضوا على منهاج نبيّهم (صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل: ... سهل بن حنيف... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم)[1].
اسمه وكنيته ونسبه:
هو سهل بن حنيف بن وهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحرث بن عمر بن خناس بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.
كنيته: أبو سعيد.
صحبته:
أسلم والنبي (صلى الله عليه وآله) في مكة، وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) مشاهده كلها، كان من النقباء [2] الاثني عشر الذين اختارهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة الثانية بإشارة من جبرائيل (عليه السلام) نقباء لأُمّته، كعدّة نقباء نبيّ الله موسى (عليه السلام) [3].
جوانب من حياته:
كان في طليعة فرسان المسلمين وأبطالهم، انضم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وولاّه (عليه السلام) المدينة، ثم ولاه على فارس، وشهد مع أمير المؤمنين (عليه السلام) صفين، وكان فيها من القادة، ثم كان من شرطة الخميس.
وكان ممّن «ثبت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم أُحد حين انكشف الناس، وبايعه على الموت، وجعل ينضح يومئذٍ بالنبل عنه (صلى الله عليه وآله)، فقال (صلى الله عليه وآله) في حقه: (نبّلوا سهلاً فإنّه سهل)[4].
ومن حديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أمير المؤمنين (عليه السلام): (...لقد صدق معك القتال اليوم سهل بن حنيف)[5].
وكان من الذين وصفهم الإمام الرضا(عليه السلام) بقوله: (الذين مضوا على منهاج نبيّهم (صلى الله عليه وآله)، ولم يغيّروا، ولم يبدّلوا مثل: ... سهل بن حنيف... وأمثالهم رضي الله عنهم، ورحمة الله عليهم)[6] .
من مكارمه(رضي الله عنه):
هناك نفوس خيّرة طاهرة، سارعت من حين دخولها الإسلام إلى جمع المكارم، وتحصيل الفضائل، فحصلت على قصب السبق في شتى المعالي، وفي طليعة هؤلاء سهل بن حنيف (رضوان الله عليه)، ففي الأيام الأولى للهجرة شهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لهذا الصحابي مشهداً كريماً، قال (عليه السلام): (كانت بقبا امرأة لا زوج لها، فرأيت إنساناً يأتيها في جوف الليل، فيضرب عليها بابها، فتخرج إليه فيعطيها شيئاً معه فتأخذه، فاستربت لشأنه، فقلت لها: يا أمة الله من الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئاً لا أدري ما هو، وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت: هذا سهل بن حنيف بن واهب، قد عرف أنّي امرأة لا أحد لي، فإذا أمسى عدى على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها فقال: احتطبي بهذا).
فكان علي (عليه السلام) يأثر ذلك (يحدث به) من أمر سهيل بن حنيف حين هلك عنده بالعراق[7].
موقفه من خلافة أبي بكر:
كان(رضي الله عنه) من الاثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة حيث قال: (أشهد أنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال على المنبر: إمامكم من بعدي علي بن أبي طالب، وهو أنصح الناس لأُمّتي)[8].
وفي رواية أُخرى: (أيّها الناس، هذا علي إمامكم من بعدي، ووصيي في حياتي وبعد وفاتي، وقاضي ديني، ومنجز وعدي، وأوّل مَن يصافحني على حوضي، فطوبى لمَن اتّبعه ونصره، والويل لمَن تخلّف عنه وخذله)[9] .
وفاته:
تُوفّي(رضي الله عنه) عام 38 بمدينة الكوفة ودُفن فيها، وقام الإمام علي(عليه السلام) بتكفينه، فعن أبي مريم الأنصاري قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: (إنّ علياً(عليه السلام) كفّن سهل بن حُنيف في برد أحمر حبرة)[10] ، كما قام بالصلاة عليه، فعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) قَالَ: (كَبَّرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وكَانَ بَدْرِيّاً خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً ثُمَّ وَضَعَه وكَبَّرَ عَلَيْه خَمْسَةً أُخْرَى فَصَنَعَ ذَلِكَ حَتَّى كَبَّرَ عَلَيْه خَمْساً وعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً)[11] .
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «لمّا مات جزع أمير المؤمنين (عليه السلام) جزعاً شديداً)[12].
مجلة بيوت المتقين العدد (25)
[1] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق: ج2، ص134.
[2] النقيب: الرئيس من العرفاء.
[3] تهذيب الأحكام الشيخ الطوسي: ج3، ص318.
[4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج14، ص252.
[5] أعيان الشيعة السيد محسن الأمين: ج7، ص322.
[6] عيون أخبار الرضا (عليه السلام) الشيخ الصدوق: ج2، ص134.
[7] تاريخ الطبري بن جرير الطبري: ج2، ص107.
[8] الخصال الشيخ الصدوق: ص465.
[9] الاحتجاج الشيخ الطبرسي: ج1، ص103.
[10] وسائل الشيعة الحر العاملي: ج3، ص7.
[11] الكافي الشيخ الكليني: ج3، ص186.
[12] بحار الأنوار المجلسي: ج78، ص376.