أينما توجهت في هذه الأيام، ترى الأطفال يحملون الهواتف الخلوية مع الأصدقاء وعلى الطرقات وأماكن اللعب والترفيه، وحتى في المدارس بشكلٍ أو بآخر، وهذه الهواتف مزودة بخدمة الإنترنت، وما يعنيه ذلك من مخاطر على الأطفال لجهة ما يتواصلون عبره من مواقع، وما يطلعون عليه من أمور تؤثر في بنائهم الشخصي.
ويبقى السؤال: مَنْ يوجه هؤلاء الأطفال وينبههم إلى خطورة ما يحملون منْ أدوات وتقنيات تجلب لهم الضرر؟ ومنْ يساعدهم في اقتنائها في سن لا يكونون فيها بحاجة عملية إليها؟
في الأمس القريب، كنّا نرى التلاميذ يحملون الكتب والدفاتر في الباصات لمراجعتها قبل الدخول إلى المدرسة، أمّا اليوم، فصرت ترى مراهقين ومراهقات يمتشقون الهواتف وينسون كتبهم، وكذلك أمام بوابات المدارس، إذا ألقيت نظرةً خاطفة، فقلما تعثر على منْ لا يحمل بين يديه هاتفاً خلوياً يقرأ رسالة ويبعث بأخرى دون مساءلة..
ويتسارع الأطفال فيما بينهم لاقتناء أحدث التلفونات الخلوية والمفاخرة بها فيما بينهم، وكأنها تعبير عن مستواهم الاجتماعي والشخصي والمادي.
بعض الأهل ينظرون بإيجابية إلى هذه الظاهرة، على اعتبار أنهّم يتواصلون مع أولادهم عبرها، فهم يطمئنون عنهم أينما ذهبوا، فالهاتف الجوال أضحى لغة العصر الحديث.
ويرى اختصاصيون اجتماعيّون، أنّه لا يخفى على الوالدين، تلقي هواتف أطفالهم الخلوية صوراً ورسائل تؤثر في سلوكهم الأخلاقي، كما وتؤثر في مستويات تحصيلهم الدراسي، وهذا ما يجب أن ينتبه له الأهل والتربويون أيضاً، ووجوب قيامهم بمسؤولياتهم لجهة المراقبة والتوعية.
ولا ننسى بحسب هؤلاء الاختصاصيين، ما للإعلام من دور رئيس في تقديم البرامج التثقيفية والإرشادية للاستخدام المناسب لهذه الوسيلة العصرية، وكيفية التعاطي مع هذه الوسيلة بما يخدم المجتمع.
ويرى بعض رجال الدين، أنّ وجود الهواتف الخلوية بين أيدي الأطفال، ضرره أكبر من نفعه، ويشكّل خطراً على صحة الطفل وأخلاقه ودراسته، ويجب إشعار الأهل بخطورة وجود هكذا أجهزة مع أولادهم.
رُوي عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: «مَنْ أَصْغَى إِلَى نَاطِقٍ فَقَدْ عَبَدَه فَإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يُؤَدِّي عَنِ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَقَدْ عَبَدَ اللهَ وإِنْ كَانَ النَّاطِقُ يُؤَدِّي عَنِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ عَبَدَ الشَّيْطَانَ»[1].
غرف مظلمة:
هناك ألعاب فردية تستهدف في الطفل قوة البصر والأعصاب وتؤثر بشكل مباشر من خلال لقطات إباحية على سلوكه اللاحق ومدى اندماجه في المجتمع. إنّ هوس اللعب في الغرف المظلمة المتزامن مع أجواء ساخنة وأصوات صاخبة ومشاهد عنيفة سيؤسس لنمط خاص من التمرّد والعناد والخروج عن السياقات الصحيحة للأسرة بشكل عام، وبسبب بعض المقاطع الفاضحة في تلك الألعاب سيجد الطفل نفسه في طريق ينتهك براءته لا يستطيع أن يحيد عنه بسبب رغبة جامحة في اكتشاف المزيد من أسرار هذه الممارسات الغامضة بالنسبة له.
إنّ أهمية تحقيق مبدأ الحرية المنضبطة التي ينبغي أن يتمتع بها الطفل أثناء اختياره نوع اللعبة المناسبة له، وعلى الأب أن يفهم احتياجات ابنه بعد دراسة خصائص ومتطلبات مرحلته العمرية وتشخيص النافع من الضار والواقع الفعلي من الخيال الافتراضي، محذراً من فتح الباب على مصراعيه لألعاب الشبكات والـ (بلي ستيشن) التي قد تحتوي على مضامين خطيرة تؤثر في السلوك.
إنّ تفشي هذه الظاهرة في المجتمع، لأمر يسترعي انتباه الجميع من الأهل، وجهات تربوية وإعلامية واجتماعية، للنظر والتداول في خطورة كلّ ذلك، وخصوصاً على الأطفال الذين هم أمانة الجميع ومسؤوليتهم، والعمل على حفظهم وصيانتهم من كلّ المخاطر لواجب أخلاقي وإنساني وديني، فهم رجال المستقبل وعماد المجتمع؛ لذا ينبغي على الجميع رعاية شؤونهم، والتعامل معهم بأسلوب يعمل على تثقيفهم وتربيتهم، وتشكيل وعيهم بشكل إيجابي وعملي يوصلهم إلى شاطئ الأمان.