ربما يتصور البعض أن معنى هذه العبارة يتوجه نحو جهد المرأة في العمل الخارجي جنباً إلى جنب مع الرجل، وخروجها من بين جدرانها لتشارك الرجل في الحياة الخارجية، في المعمل والدائرة والسوق وحتى في السياسة، مما حدا بالذين ينادون بالمساواة أن يتخذوا من هذه العبارة شعاراً من شعاراتهم.
وهذا التصور غير صحيح، فالمرأة هي أحد أركان المجتمع، ولها علاقة بكل لون اجتماعي يعيشه الإنسان، بحيث لا يمكن الاستغناء عنها كلياً، خصوصاً وهي تمثل إحدى دعائم الأسرة، واللبنة الأساسية فيها، وفي المجتمع الإنساني بصورة عامة.
فلو نظرنا من زاوية أكثر دقة، نجد أن المرأة هي كل المجتمع وليست نصفه، فهي بمهامها الخاصة نصف، وهي بتربيتها للنصف الآخر نصف، فجميع ما ينجزه النصف الآخر وما يقدمه للمجتمع يرجع الفضل فيه إليها، بالتالي يكون سلوك المجتمع بجميع المستويات يرجع بالأصل لما قامت عليه تلك التربية، فإذا كانت الأم قد قدمت التربية السليمة أحرزنا مجتمعاً سليماً وصادقاً ونظيفاً، كما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددتَ شعباً طيب الأعراق
فإذا كانت الأمهات واعيات فان المجتمع بكامله سيكون واعٍ والعكس صحيح.
وإذا كانت المرأة زوجة فهي شريكة للزوج، بحيث لا يستغني الرجل عنها في مسيرة الحياة، فهي أيضاً لها الدور في كل ما يقدمه النصف الآخر، كما يحكي لنا التأريخ عما قامت به السيدة خديجة الكبرى (عليها السلام) زوجة نبينا الكريم (صلى الله عليه وآله) من دور في تقديم الدعم المادي والمعنوي للنبي (صلى الله عليه وآله) وللرسالة الخالدة، فبذلت كل ما تملك في سبيله وفي سبيل دعوته ما بيّض صفحات التأريخ، شأنها في ذلك الدور المساند شأن سارة زوجة نبي الله إبراهيم (عليه السلام)، وغيرها من النسوة اللائي عظّمهن القرآن الكريم، وسجّل أعمالهن ومواقفهن النبيلة.
فالمرأة باختلاف أدوارها تمد المجتمع بالحيوية والحركة المستمرّة، لكن هذا الدور في بعض الحالات يكون بصورة مباشرة، وفي بعضها يكون بصورة غير مباشرة.
وهذا الدور الواضح لا ينكره أحد، رغم الاتفاق بين المجتمعات على وجود فوارق بين المرأة والرجل جسمية ونفسية، إضافة إلى فارق المشاعر وطريقة اتخاذ القرار تجاه بعض المواقف، إلا أنها فوارق لم تقف أمام أن تبرز المرأة كعنصر فعّال في المجتمع، وأن تثبت قيمتها وقدرتها كامرأة في الحياة.
فمن خلال تلك الفوارق استطاعت المرأة أن تبيّن حقيقة دورها، وممارسة فعالياتها في المساحة المشتركة بينها وبين الرجل لتحقيق الخدمة والمنفعة المتبادلة، والوصول إلى نظام أفضل في الحياة، فالمرأة كشقيقها الرجل في العلاقة والمسؤولية الاجتماعية والرابطة العقيدية، وهي كفؤه في بناء الحياة وإصلاحها.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (45)