اسمه وكنيته ونسبه:
أبو الحارث، عُبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب.
ولادته:
ولد عام 61 قبل الهجرة.
اخباره:
كان من الأوائل الذين أسلموا في مكّة، ولم يتردّدوا في اعتناق الإسلام، والأخذ بما أنزل من السماء، كما أنّه هاجر مع أخويه الطفيل والحصين إلى المدينة.
اختاره رسول الله(صلى الله عليه وآله) قائداً على سرية تضمّ ستّين رجلاً من المهاجرين، وليس فيهم من الأنصار أحد، انطلقت السرية إلى بطن رابغ حتّى بلغت ماء الحجاز، وهناك لقيا جمعاً عظيماً من مشركي قريش، ووقف الفريقان موقف المتحاربين ولكن لم يدر بينهم[1].
تواضعه:
بالرغم من أنّه كان يكبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعشر سنوات إلّا أنّه كان يجلس بين يديه في أدب وحياء إجلالاً لمقامه(صلى الله عليه وآله) ولمكانته، وإعظاماً لشأنه.
أوّل شهيد من أهل البيت(عليهم السلام):
اختار رسول الله(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر الكبرى عمّه حمزة بن عبد المطّلب(رضي الله عنه)، وابني عمّه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وعبيدة بن الحارث(رضي الله عنه)، وكان أسنّهم لقتال مشركي قريش.
فحمل عُبيدة بن الحارث على شيبة بن ربيعة فطعن كلّ منهما صاحبه فقتل شيبة، وقطع رجل عُبيدة، فحمل عُبيدة إلى معسكر رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعاش حتّى رجعوا من بدر إلى المدينة، فلمّا بلغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) منطقة الصفراء تُوفّي عُبيدة بها، وهو ابن ثلاث وستّين سنة.
واستعبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمّا نظر إليه بعد إصابته، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأُمّي ألست شهيداً؟ فقال(صلى الله عليه وآله): «بلى، أنت أوّل شهيد من أهل بيتي»[2].
وفي قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، قال الإمام الباقر(عليه السلام): «نزلت في حمزة وعلي وعُبيدة»[3].
وتذكّره رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم الخندق حيث قال: «اللّهم إنّك أخذت منّي عُبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطّلب يوم أُحد، وهذا علي بن أبي طالب، ولا تدعني فرداً وأنت خير الوارثين»[4].
ملحوظة:
كان أول من برز للقتال من المشركين في بدر: عتبة، وشيبة، والوليد؛ فبرز إليهم ثلاثة من الأنصار، فقالوا لهم: ارجعوا؛ فإنا لسنا إياكم نريد، إنما نريد الأكفاء من قريش.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للأنصار: «ارجعوا إلى مواقفكم (ثم قال:) قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة، قاتلوا على حقّكم الذي بعث الله به نبيكم، إذ جاؤوا بباطلهم ليطفؤوا نور الله»[5].
فقتل عليٌّ(عليه السلام) الوليد، وجاء فوجد حمزة معتنقاً شيبة، بعد أن تثلمت في أيديهما السيوف، فقال: يا عم طأطئ رأسك، وكان حمزة طويلاً، فأدخل رأسه في صدر شيبة؛ فاعترضه عليّ بالسيف، فطير نصفه (أي نصف رأسه).
وكان عتبة قد قطع رجل عبيدة، وفلق عبيدة هامته، فجاء عليّ فأجهز على عتبة أيضاً.
فيكون أمير المؤمنين(عليه السلام) قد شرك في قتل الثلاثة
وان قيل: أن موت عتبة من ضربة عُبيدة كان محتماً، وأن ضربة علي(عليه السلام) لا تقدّم ولا تؤخر في ذلك، وإن كانت قد سرّعت موته.
نقول: إن علياً(عليه السلام) هو الذي قتل الفرسان الثلاثة، ولم يقتصر الأمر على مجرد المشاركة في قتلهم؛ لأن فلق هامة عتبة لا يعني أن أمره قد انتهى، إذ لا يعلم مبلغ تلك الضربة منه.. فلعلّها كانت جرحاً بليغاً لم يبلغ حداً يمنعه من مواصلة القتال بصورة فاعلة ومؤثرة. فجاء علي(عليه السلام) وقتله.
وقد أظهرت بعض النصوص: أن شراكة علي(عليه السلام) في قتال الثلاثة هي التي حسمت الموقف لصالح المسلمين فيهم.
مجلة بيوت المتقين العدد (85)