لا نغالي إذا ما قلنا إن القدوة الحسنة النسوية مغيبةٌ في أكثر مفاصل حياة نسائنا في عصرنا الحاضر، فلا تُراك تجدُ أَثراً لتلك القدوات المباركات، لا في البيت ولا في العمل ولا في مجال الدراسة إلا ما نَدَرَ مع الأَسف الشديد!
وبنظرةٍ سريعةٍ للواقع النسوي المعاصر ستجدُ الدليلَ القاطعَ لكلامنِا أعلاهُ، فَخُذْ نظرةً والتقط صورةً لهذا المجتمع النُّسوي، وتَفحّصهُ جَيِّداً -مع أخذ الزهراء (عليها السلام) مثلاً للقدوة المباركة والأُسوةُ الحسنة- فهل تَجْدهَا (عليها السلام)
حاضرةً في المجتمع الإسلامي ديناً وعفةً وخُلُقاً؟ كلا إنها مغيبةٌ أَشدَّ التغييبِ في مجتمعاتِنا النُّسوية، وفي المناهج التعليمية الأَكاديِميةِ، وكذلك هي مغيبةٌ في الكتب والثقافات الدِّينية التي تخصُّ المَرأةَ، ولا أَدري مَنْ يَتحملُ هذا التَّقصير الذي لا يُغْتَفَرُ؟
سيكونُ الجوابُ بالتأكيد أنَّ الذي يتحمل ذلك التقصير الكبير هو: هذه الأُمّةُ النَّائمة، التي نامت عن عرضِ قُدواتِها لبناتنا ونسائنا، فكانت هناك بينونةٌ عظيمةٌ ما بَينَهم وبين القُدوات الصَّالحات، فتعال إلى مؤسساتنا التعليمية في البلاد، وخُذْ وزارةَ التَّربيةِ مثالاً لذلك، فهي من جانبٍ ترفع عنوانَ وزارتِها بأَنها (وزارةُ التَّربية والتَّعليم)، لكنها من جانب آخر لا تعطي مساحةً للتربية في دروسها التي تعطيها لطلابها وطالباتها في المدراس، بل ولا تجد فصلاً مُتَضَمَّناً في أَحَدِ الكُتُب التَّي تَرتبِطُ بالدِّين والإِسلام يتعرضُ إلى ذكرِ القُدواتِ وسلوكهِن المُبارك، فأين هي تربيتُنا لأَجيالنا وأَولادنا إذا كانت مناهجنُا خاليةً من ذكرِ أَسلافنِا الصَّالحين؟
فهل تعرفت بناتنا على حجاب الزهراء (عليها السلام) الحقيقي؟ وهل أَدركنَ حجمَ العلاقةِ الجائِزة من غير الجائِزة مع الرجال من خلال سيرة تلك القدوات الصَّالحات؟ وهل أُعطِيتْ لبناتنا مفاهيمُ الحشمةِ والعفّةِ في القَوْل والفِعل حينما دخلنَ في أَروقةِ الجامعات؟
هذا كُلُّه إذا نظرْنا إلى مناهج المؤسسات التعليمية الحكومية، وأَما إذا أَلقينا نظرةً إلى أَسواقنِا وبيوتِنا وحياةِ المرأةِ الاجتماعية بصورةٍ عامّةٍ فالمُصيبةُ أَعظمُ، فهذه النِّساء قَدْ وقعنَ في مهبِّ الموضات والموديلات، وجنحنَ عن لباسِ الحِشمةِ والحَياءِ، وَقلّدنَ الممثلّةَ والمطربةَ في كلِّ شؤونها، وصارت القدواتُ في خبرِ كانَ، قال تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[1].
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (5)
[1] سورة مريم: 59.