الهاتف النقال

لا يوجد اليوم مَنْ لا يمتلك هاتفاً نقالاً، فقد أصبح جزءاً أساسياً للجميع، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، يُدني البعيد، وينبئك بكلّ جديد، من خلال الأثير بكل احترامٍ وتقديرٍ، ولا ننكر فوائده؛ لأنّه قدّم لنا الكثير من الخدمات والتطبيقات، والذي جعل حياتنا أيسر وأسهل، وأوفر حظّاً عمّن سبقَنا؛ فلم يعد استخدام الهاتف مقتصراً على تلقي وإرسال المكالمات الصوتية فحسب، بل تعدى ذلك ليشمل إجراء المكالمات الفيديوية من شرق الأرض إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، فوصل القارّات ببعضها، ونقل الاطراءات لأهلها، وجعل من العالم قرية صغيرة، وسهّل على الكل التواصل مع الكل، واختصر الوقت والكُلفة في عقد الصفقات والتجارات، وإنجاز المعاملات في ثوانٍ قليلات لرجال الأعمال، والتجار، وأصحاب الحرفات، فبواسطته وُفّر الجهد، والوقت، والمال.

 ولكن مع كلّ هذا يعتبر الهاتف النقال سلاحاً ذا حدين، فحاله حال أجهزة أخرى كالتلفاز وغيره، فبعض الناس من يستخدمه استخداماً غير صحيح، كعدم مراعاة خصوصية الآخرين، وإزعاجهم في أوقات راحتهم، أو نومهم، أو استغلال بعض التطبيقات عليهم في غير محلّها، كالكاميرا والفيديو، ونشر ما التقط على مواقع التواصل الاجتماعي، وإيقاع المشاكل والخلافات بسببها، كما أنه بسببه ارتفعت نسبة الحوادث المرورية؟ نتيجة استخدامه أثناء القيادة، وهَوَس معظم الناس في متابعة كل ما هو جديد من خلال الشبكة المعلوماتية، ويسبب الهاتف النقال - عندما يكون استخدامه بشكل مفرط - مشاكل صحية كثيرة، كتأثير الإشعاعات الضارة الصادرة منه على الدماغ، وتحديداً على الأطفال؛ لأنّ سماكة الجمجمة لديهم ضئيلة، مما يؤدي إلى زيادة معدل نمو الخلايا السرطانية، وكذا يسبب الصداع والأرق والتقلبات المزاجية والشعور بالإرهاق.

ومن مشاكل الهاتف النقال جمود العلاقات الاجتماعية، وانعدام التجمعات العائلية، والاكتفاء بالمكالمات، وكف اللقاءات، وحتى لو اجتمع الناس مع بعضهم فنادراً ما تشاهد شخصاً لا يحمل هاتفه في يده، ويستخدمه بشكل أو بآخر، فيجب علينا مراعاة كل ذلك، وإلا كان ضرره أكثر من نفعه، ووضع الله نصب أعيننا في كل سكنة وحركة، وملاحظة عواقب الأمور، وما قد ينتج عنها من مشاكل اجتماعية، لا سيما في المجتمعات الإسلامية والمحافظة كمجتمعنا، وما يحصل من تواصل بين الجنسين بطرق غير أخلاقية وشرعية.

مجلة ولاء الشباب العدد (34)