الاحتجاج الثاني للزهراء (عليها السلام)

وقد حصل حوار آخر أيضاً بين شخص الخليفة الأوّل ومولاتنا الزهراء (عليها السلام) على انفراد إذ تحدّثت معه بشكل خاصّ وبدلاً من أن تتناول قضيّة أنّها ذات يدٍ وليس من الضروريّ أن تأتي ببيّنة وأنّها - مع ذلك - جاءت بعليّ (عليه السلام) كشاهد، فقد طرحت في هذه المرّة مسألة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان أحياناً يقبل بشهادة واحد من الصحابة الذين يثق بهم كثيراً عوضاً عن شهادتين، فكيف بي وقد جئتُك بعليّ وأُم أيمن ولم تقبل بهما كشاهدين! فتأثّر الخليفة في مقابل هذا المنطق وكتب لها كتاباً يثبت تعلّق المِلْك بها، لكنّ شخصاً صادفها في الطريق وأخذ منها الكتاب ومزّقه وتجاسر عليها أيضاً، فقد ورد في بحار الأنوار للعلامة المجلسي ما نصه: (...فكتب أبو بكر لها كتابا برد فدك إليها ودفعه لها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: إن فاطمة ادعت في فدك، وشهدت لها أم أيمن وعلي فكتبته لها، فأخذ عمر الكتاب من يد فاطمة (عليها السلام) فتفل فيه ومحاه ومزقه، وقال: هذا فيء للمسلمين)[1]. وفي رواية: (أخذ الصحيفة- أي عمر- فمحاها أو خرقها بعد أن تفل فيها، فدعت (عليها السلام) عليه وقالت: بقر الله بطنك كما بقرت كتابي هذا)[2].

وقد مضى هذا الحدث أيضاً ولم يتمّ الوصول فيه إلى نتيجة حاله في ذلك حال مسألة الخلافة.

 


[1]  بحار الأنوار: ج29، ص127.

[2]  اللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري: ص747.