كان من ذخائر عليّ(عليه السلام) ممّن قد بايعه على الموت، وكان من فرسان أهل العراق.
اسمه ونسبه:
أصبغ بن نُباتة التميمي الحنظلي المُجاشِعي.
ولادته:
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري، ومن المحتمل أنّه ولد في الكوفة باعتباره كوفيا.
صحبته:
كان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمامين علي والحسن(عليهما السلام).
وكان من خواصّ الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ومن الوجوه البارزة بين أصحابه، وأحد ثقاته، وهو مشهور بثباته واستقامته على حبّه (عليه السلام)، فأصبغ بن نُباته (رضوان الله عليه) لم يصل لمقام الخواص من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) عبثاً، وإنما اتصف بكمالات عالية ومكارم أخلاقية سامية جعلته مؤهلاً لأن يكون لأمير المؤمنين (عليه السلام) خالصاً.
جوانب من حياته:
- كان من شرطة الخميس، ومن أمرائهم في الكوفة.
- عاهد الإمام علي (عليه السلام) على التضحية والفداء والاستشهاد.
- اشترك مع الإمام علي (عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين.
- روى عهد مالك الأشتر، الذي عهده إليه الإمام علي(عليه السلام) لمّا ولّاه مصر، وروى وصية الإمام علي (عليه السلام) إلى ابنه محمّد ابن الحنفية.
- أعان الإمام علياً (عليه السلام) على تغسيل سلمان الفارسي، وممّن حمل السرير لسلمان لمّا أراد أن يكلّم الموتى.
- كان من الثقات العشرة الذين أمر الإمام علي(عليه السلام) كاتبه عبيد الله بن أبي رافع بدخولهم عليه، حيث قال له: «أدخل عليَّ عشرة من ثقاتي، فقال: سمّهم لي يا أمير المؤمنين؟ فقال(عليه السلام): أدخل أصبغ بن نباتة...»[1].
من أقوال العلماء فيه:
1ـ قال نصر بن مزاحم المنقري: «كان شيخاً ناسكاً عابداً، وكان إذا لقي القوم بعضهم بعضاً يغمد سيفه، وكان من ذخائر علي ممّن قد بايعه على الموت، وكان من فرسان أهل العراق» [2].
2ـ قال الشيخ المفيد(قدس سره): «وكان من شرطة الخميس، وكان فاضلاً»[3] .
3ـ قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «من أوثق الثقات، وكفى فخراً وجلالة له عدُّ أمير المؤمنين (عليه السلام) له من ثقاته، فالرجل ثقة ثقة ثقة، بلا ريب عندي»[4] .
من رواياته:
1 - عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لأُسلِّم عليه فجلست أنتظره، فخرج إليَّ فقمت إليه فسلمت عليه فضرب على كفي ثم شبك أصابعه في أصابعي، ثم قال (عليه السلام): (يا أصبغ بن نباتة قلت: لبيك وسعديك يا أمير المؤمنين، فقال (عليه السلام): (إن وليّنا ولي الله، فإذا مات ولي الله كان من الله بالرفيق الأعلى وسقاه من نهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد وألين من الزبد، فقلت: بأبي أنت وأمي وإن كان مذنباً؟ فقال: نعم وإن كان مذنباً، أما تقرأ القرآن (يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً)[5] يا أصبغ: إن ولينا لو لقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر ومثل عدد الرمل لغفرها الله له إن شاء الله تعالى)[6] .
2ـ عن الأصبغ بن نباتة عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة الجنة وأنت بابها يا علي، كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها)[7] .
3ـ عن الأصبغ قال: نشد علي (عليه السلام) الناس في الرحبة: مَن سمع النبي(صلى الله عليه وآله)
يوم غدير خُم ما قال إلّا قام، ولا يقوم إلّا مَن سمع رسول الله يقول، فقام بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيوب الأنصاري... فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ألا إنّ الله عزّ وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين، ألا فمَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وأحبّ مَن أحبّه، وأبغض مَن أبغضه، وأعن مَن أعانه[8].
4ـ عن الأصبغ قال: أتينا مع علي(عليه السلام) فمررنا بموضع قبر الحسين(عليه السلام)، فقال علي(عليه السلام): (هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمّد(عليهم السلام) يُقتلون بهذه العرصة، تبكي عليهم السماء والأرض)[9].
مواقف شجاعة :
ومِن مواقفه الشجاعة أمام معاوية، روي أنه سأل الأصبغ بن نُباتة أبا هريرة في محضر معاوية فقال: يا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني أحلفك بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة وبحق حبيبه محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله) إلا أخبرتني، أشهدت غدير خُم؟ قال: بلى شهدته، قلت: فما سمعته يقول في علي؟ قال: سمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، قلت له: فأنت إذاً واليت عدوه وعاديت وليه، فتنفس أبو هريرة صعداء وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون[10].
في وقعة صفّين:
حثّ الإمام علي (عليه السلام) أصحابه للقتال في صفين، فقام إليه الأصبع بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين قدِّمني في البقيّة من الناس، فإنّك لا تفقد لي اليوم صبراً ولا نصراً، أمّا أهل الشام فقد أصبنا منهم، وأمّا نحن ففينا بعض البقيّة، أيذن لي فأتقدّم؟ فقال علي(عليه السلام): تقدّم باسم الله والبركة، فتقدّم وأخذ رايته، فمضى وهو يقول:
حتّى متى ترجو البقايا أصب إنّ الرجاء بالقنوط يُدمَ
أما ترى أحداث دهـر تــنب فادبُغْ هواك، والأديمُ يُدبَ
والرفــــق فيما قد تــريد أبل اليوم شغل وغداً لا تفر.
فرجع الأصبغ وقد خضَبَ سيفه ورمحه دماً...وكان من ذخائر علي (عليه السلام) ممّن قد بايعه على الموت، وكان من فرسان أهل العراق[11].
وفاته:
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاته ومكانها، فرحمه الله تعالى برحمته الواسعة وحشره مع أمير المؤمنين (عليه السلام).
مجلة بيوت المتقين العدد (26)
[1] كشف المحجّة السيد ابن طاووس: ص174.
[2] وقعة صفّين المنقري: ص443.
[3] الاختصاص الشيخ المفيد: ص65.
[4] تنقيح المقال المامقاني: ج11، ص 136.
[5] سورة الفرقان : آية 70.
[6] الاختصاص الشيخ المفيد: ص66.
[7] الأمالي الشيخ الطوسي: ص309.
[8] أُسد الغابة لابن الأثير : ج3، ص316.
[9] ذخائر العقبى الطبري: ص97.
[10] الإيضاح الفضل بن شاذان الأزدي: ص537.
[11] وقعة صفين لابن مزاحم المنقري: ص442.