اليهودي والراعي

يروى أن أحد اليهود مرّ على قرية مسلمة وأراد ان يلقي (بشبهات) على علمائها، ولكنه قبل بلوغ القرية وجد راعي أغنام مسلم.

فقال اليهودي في نفسه دعني أبدء بهذا الراعي الجاهل، وأشكّكه في دين الإسلام، فأظهر اليهودي للراعي أنه مسلم، وعابر طريق، وبعد الجلوس معه بعض الوقت قال له اليهودي: ألا ترى أننا كمسلمين نجد في حفظ القران مشقة شديدة لأنه يتكون من ثلاثين جزءً؟ وفيه آيات كثيرة متشابه، فلماذا لا نحذف المتشابه منها؟ لأنها بلا فائدة وإنما تكرار للكلام فقط، ثم أردف اليهودي قوله ـ وهو يبتسم ابتسامات ماكرة ـ وبعد ذلك الحذف ستقل عدد أجزاء القران، وسيسهل علينا حفظه ومراجعته؟

كل هذا الوقت والراعي يستمع بإنصات لليهودي فلما فرغ وانتهى قال الراعي لليهودي: كلامك يا هذا جميل ومقنع! فُسرَّ اليهودي الخبيث، وفرح فرحة شديدة؛ لظنّه أن الراعي سقط في حباله.

ولكن الأعرابي أكمل كلامه بقوله: لكن لدي سؤال لك:

أليس في جسدك أنت أشياء متشابهة لا فائدة منها، مثل: يدين اثنتين، وقدمين، وإذنين، وعينين، ومنخرين

فلماذا لا نقطع هذه الزيادات المتشابهة ليخفَّ وزنك، ويستفيد جسمك مما تأكل، بدل أن يذهب غذاؤك لأشياء في جسدك متشابه كما أنك سترتاح من حمل أشياء متشابة في جسدك لا فائدة من تكرارها!

هنا قام اليهودي فوراً وحزم متاعه، وهو مسود الوجه عائد من طريقه يجرّ أذيال الحسرة والخيبة، وهو يقول: ألجمني ردُ وفكرُ راعي أغنامهم، فكيف بردّ علمائهم.

اللهم فقّهنا في الدين، وثبتنا وجميع المؤمنين على الصراط المستقيم.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (54)، صفحة (30)