سنحاول أن نسلط الضوء على شخصية من الشخصيات المتميزة في تأريخ الإسلام، والتي ملئت إيماناً وشجاعةً، شخصية طالما اخترقت الأسماع والقلوب، وأرغمت التأريخ على حفر اسمها في سجل الخالدين، وقائمة المخلصين، تلك شخصية المقدام الفذ، الشهيد مسلم بن عقيل بن أبي طالب(عليه السلام).
مسلم بن عقيل هو بطل من أبطال الهاشميين، ذو نسب شريف، وحسب رفيع، وهو من سلالة بطل الإسلام، والمحامي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أبي طالب(رضي الله عنه)، وهو ابن عمِّ الإمام الحسين(عليه السلام).
أمه أم ولد، وقد اختلف المؤرخون في تسميتها، ففي مقاتل الطالبيين: (أنّها (حلية)، وكان عقيل اشتراها من الشام فولدت له مسلماً)[1]، وقيل: إنّ اسمها (خليلة) كتاب (عقيل بن أبي طالب) للميانجي: ص 25.
ولد(عليه السلام) في العام (22)هـ على الأشهر، تزوج ابنت عمه رقية بنت الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وله من الأولاد: عبد الله، محمد، أحمد، إبراهيم، خديجة، وعبد الله استشهد مع الحسين(عليه السلام)، وأما محمد وإبراهيم فقد استشهدا في قصة مؤلمة بعد واقعة كربلاء بعام واحد.
شارك مسلم بن عقيل(عليه السلام) في بعض معارك أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقد اشترك في معركة صفين مع عمه أمير المؤمنين(عليه السلام)، فكان على الميمنة مع الحسن والحسين(عليهما السلام).
كان مسلمٌ(عليه السلام) قوي الإرادة والعقيدة، صلب الإيمان، ثابت القدم في المواقف والأحداث، لا يتزلزل عند الشدائد والأهوال، وهذا ما تكشف عنه حركته المباركة في الكوفة، عندما نهض بمهمة السفارة الموكلة إليه من قبل إمامه الحسين(عليه السلام) «وَقَدْ بَعَثْتُ الَيْكُمْ أخي، وَابْنَ عَمّي، وَ ثِقَتي مِنْ أَهْلِ بَيْتي، مُسْلِمَ بنَ عَقيلٍ»، فما إن وصل الكوفة حتى انعطفت قلوب الناس إليه بسبب أخلاقه وحكمته وتخطيطه المحكم، وقد بايعه (ثَمانِيَةُ عَشَرَ أَلفاً) من أهل الكوفة، لكن أموال الأمويين وترهيبهم للناس بالحديد والنار، وتخويفهم أهل الكوفة بقدوم جيش الشام، حال بين مسلم وبين استمرار تلك الحركة المباركة، فقضى صابراً شهيداً في التاسع من ذي الحجة الحرام لعام (60) للهجرة الشريفة، فالسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.
المصدر: مجلة اليقين العدد (32)، الصفحة (11).