1- عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الباقر (عليه السلام) يَقُولُ: (مَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّه جَمَعَ الْقُرْآنَ كُلَّه كَمَا أُنْزِلَ إِلَّا كَذَّابٌ ومَا جَمَعَه وحَفِظَه كَمَا نَزَّلَه الله تَعَالَى إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) والأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِه (عليه السلام))[1].
2- عَنِ الْمُنَخَّلِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر (عليه السلام) أَنَّه قَالَ: (مَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ عِنْدَه جَمِيعَ الْقُرْآنِ كُلِّه ظَاهِرِه وبَاطِنِه غَيْرُ الأَوْصِيَاءِ)[2].
3- عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَالَ: (قالَ الَّذِي عِنْدَه عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِه قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)، قَالَ فَفَرَّجَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) بَيْنَ أَصَابِعِه فَوَضَعَهَا فِي صَدْرِه ثُمَّ قَالَ وعِنْدَنَا والله عِلْمُ الْكِتَابِ كُلُّه)[3].
4- عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): (قُلْ كَفى بِالله شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَه عِلْمُ الْكِتابِ)، قَالَ: (إِيَّانَا عَنَى وعَلِيٌّ أَوَّلُنَا وأَفْضَلُنَا وخَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِيِّ (عليه السلام))[4].
5- عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الْمُؤْمِنِ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: (والله إِنِّي لأَعْلَمُ كِتَابَ الله مِنْ أَوَّلِه إِلَى آخِرِه كَأَنَّه فِي كَفِّي فِيه خَبَرُ السَّمَاءِ وخَبَرُ الأَرْضِ وخَبَرُ مَا كَانَ وخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: (فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ)) [5].
الشرح:
قال أبو عبد الله (عليه السلام): (والله إِنِّي لأَعْلَمُ كِتَابَ الله)، كما اُنزل بتأييد إلهيّ وإلهام لدنّي وتعليم نبويّ وإنّما أكّده بالقسم بلفظ الجلالة بـ(والله)، لزيادة تقريره في ذهن المقرّين ورفع الإنكار عن قلوب المنكرين.
وقوله (عليه السلام): (مِنْ أَوَّلِه إِلَى آخِرِه)، يحتمل أن يراد بها الأوّل والآخر الصورتين المعروفتين، وأن يراد بهما أوّل المعاني وآخرها في سلسلة الترتيب والبطون.
وقوله (عليه السلام): (كَأَنَّه فِي كَفِّي)، وأنا أنظر فيه وفيه تأكيد لما مرّ من قوله (والله إِنِّي لأَعْلَمُ كِتَابَ الله)، مع الإشارة إلى الزّيادة في الإفادة هنا بسبب تشبيه الإدراك العقلي بالإدراك الحسّي لقصد زيادة الإيضاح لأنّ إدراك المحسوس أظهر من إدراك المعقول تنبيها على أنّ علمه بما في الكتاب علم شهوديُّ بسيطٌ واحدٌ بالذّات متعلّق بالجميع كما أنّ رؤية كفّ واحدة متعلّقة بجميع أجزائه والتعدّد إنّما هو بحسب الاعتبار.
وقوله (عليه السلام): (فِيه خَبَرُ السَّمَاءِ)، من أحوال الأفلاك وحركاتها وأحوال الملائكة ودرجاتها، وحركات الكواكب ومداراتها ومنافع تلك الحركات وتأثيراتها إلى غير ذلك من الأمور.
وقوله (عليه السلام): (وخَبَرُ الأَرْضِ)، من جوهرها وانتهائها وما في جوفها وأرجائها، وما في سطحها وأجوائها، وما في تحتها وأهوائها وما فيها من المعدنيّات وما في تحت الفلك من البسائط والمركّبات الّتي يتحيّر في إدراك نبذ منها عقول البشر ويتحسر دون بلوغ أدنى مراتبها طائر النظر.
وقوله (عليه السلام): (وخَبَرُ مَا كَانَ وخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ)، من أخبار السابقين وأحوال اللاحقين كليّاتها وجزئيّاتها، وأحوال الجنّة ومقاماتها، وتفاوت مراتبها ودرجاتها وأخبار المثاب فيها بالانقياد والطاعة والمأجور فيها بالعبادة والزهادة، وأحوال النّار ودركاتها وأهوال مرات العقوبة ومصيباتها، وتفاوت مراتب البرزخ في النور والظلمة وتباعد أحوال الخلق فيه في الرّاحة والشدّة.
وقوله (عليه السلام): (قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: (فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ))، أي كشفه وإيضاحه وهو دليل على ما ذكره من أنّ في القرآن خبر كلّ شيء لكسر أوهام من يتبادر أذهانهم من العوام إلى إنكار ذلك وعدّهم من الإطراء في الوصف وإذا كان حال القرآن وحاله (عليه السلام) ذلك فلا يجوز لأحد القول في أمر بالرأي ولا الرّجوع إلى غيره من أئمّة الضلال.
6- عَنْ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الباقر (عليه السلام) يَقُولُ: (إِنَّ مِنْ عِلْمِ مَا أُوتِينَا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وأَحْكَامَه وعِلْمَ تَغْيِيرِ الزَّمَانِ وحَدَثَانِه إِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ خَيْراً أَسْمَعَهُمْ، ولَوْ أَسْمَعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَوَلَّى مُعْرِضاً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْ ثُمَّ أَمْسَكَ هُنَيْئَةً ثُمَّ قَالَ ولَوْ وَجَدْنَا أَوْعِيَةً أَوْ مُسْتَرَاحاً لَقُلْنَا والله الْمُسْتَعَانُ) [6].
الشرح:
قوله (عليه السلام): (إِنَّ مِنْ عِلْمِ مَا أُوتِينَا تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ)، أشار بلفظ (مِنْ)، إلى أنّ علومهم متكثّرة وأنّ ما ذكره بعض من أنواعه والتفسير هنا يعمّ التأويل أيضاً، والمراد بالأحكام جميع الأحكام الخمسة المعروفة كلّها كما هو الظاهر.
قوله (عليه السلام): (وعِلْمَ تَغْيِيرِ الزَّمَانِ وحَدَثَانِه)، فهم (عليه السلام) عندهم علم ما كان وما يكون وتغيّر الزّمان انتقالاته من حال إلى حال وانقلاباته من وصف إلى وصف، والأمور الحادثة وكل ما يتعلق بها.
قوله (عليه السلام): (إِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ خَيْراً أَسْمَعَهُمْ)، إسماعاً نافعاً ولعلّ المراد بالإرادة: العلم وقد فسّر إرادته بالعلم جمع من المحقّقين أو المراد بها إرادة توفيق الخير، أو يراد بالخير التوفيق لحسن استعدادهم لقبوله.
قوله (عليه السلام): (ولَوْ أَسْمَعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ)، أي من لم يقبل السماع يعني أن الإعراض لازم على تقدير الإسماع فكيف على تقدير عدمه فهو دائم الوجود، وليس المقصود بيان أن انتفاء الإعراض لانتفاء الإسماع كما هو قاعدة اللّغة إذا إسماع الخير متحقّق بالنظر إلى الجميع.
قوله (عليه السلام): (ثُمَّ أَمْسَكَ هُنَيْئَةً)، أي ثمّ أمسك عن الكلام ساعة يسيرة، والجمع هنوات وفي التصغير هنيئة ومَن قال: هاء، قال: هنيهة ومنها قوله مكث هنيهة أي ساعة يسيرة.
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): (ولَوْ وَجَدْنَا أَوْعِيَةً أَوْ مُسْتَرَاحاً لَقُلْنَا)، الأوعية: جمع الوعاء وهو ما يجعل فيه الزّاد والمتاع ليحفظهما والمراد به هنا القلوب المتّسعة الحافظة للمعارف الحقيقيّة والحقائق اليقينيّة على سبيل الحقيقة أو الاستعارة.
(أَوْ مُسْتَرَاحاً): لعلّ المراد هنا القلب الخالي عن الشواغل المانعة من إدراك الحقّ وقبوله وحفظه.
قوله والله الْمُسْتَعَانُ)، على سوء صنيع الخلق، وانحراف، قلوبهم وعوج قولهم، وتركهم الإمام العامل المؤيّد المرشد إلى الحقّ.
مجلة بيوت المتقين العدد (67)