مسجد شيان الكبير

مسجد شيان الكبير

يصل عدد المساجد الموجودة في الصين حتى الآن أكثر من 35 ألف مسجد، تم بناؤهما على مدار أكثر من 1300 سنة من دخول الإسلام إلى الصين، وتعد المساجد من أهم الآثار التاريخية في الصين، منها المبنية على الطابع الإسلامي، وأخرى تجمع بين الفن المعماري الصيني التقليدي والفن الزخرفي الإسلامي.

أطلق الصينيون في بادئ الأمر على المسجد اسم (لي تانغ) أي (قاعة الاجتماع)، من ثم (لي باي تانغ) (قاعة الصلاة). وفي منتصف القرن الـ 13 أخذ المسلمون الصينيون في تسمية المسجد بـ (تشينغ تشن سي) أي (متعبد الصفاء والحق)، حيث تشير كلمة (الصفاء) إلى أن الله تعالى صافٍ لا تشوبه شائبة، بينما تشير كلمة (الحق) إلى أن الله هو الحق الذي لا يزول، وما يدعونه من دون الله هو الباطل، و(المعبد) فهي كلمة مستعارة من البوذيين الصينيين.

تاريخ بناء المسجد:

يقال إن المسجد الكبير بُني في فترة أسرة تانج (618-907 م)، حسب النصب الحجري في داخل المسجد، بني في عام 762 ميلادي، أي: السنة الأولى لفترة حكم الإمبراطور لي لونج جي (685-762 م)، لذا يرجع تاريخه إلى أكثر من ألف ومائتي سنة، في أوائل فترة أسرة تانج، كانت شيآن عاصمة الصين.

ودخل الإسلام هذه المدينة مع دخول التجار العرب لها من خلال طريق الحرير، كانوا يمارسون التجارة في سوقين: الغربية والشرقية واستقروا، وشهد الإسلام في شيآن تطوراً كبيرا مع استقرار المسلمين أكثر وتكاثرهم، لاسيما في فترة حكم الإمبراطور لي يو(762-779م)، ابن الإمبراطور لي لونج جي، حيث ترأس قائد من قومية (هوى) مائتي جندياً من المسلمين الذين ساعدوا الحكومة في قمع فتنة آنشي للدخول إلى شيآن، ومن أجل القيام بالنشاطات الدينية والتعبير عن إخلاصهم للدين الإسلامي، أنشأوا مسجداً صغيراً وهو اللبنة الأولى للمسجد الكبير في شيآن.

ويشتهر مسجد شّْياَن الكبير بنماذج رائعة للخطوط العربية والصينية، حيث تبلغ مساحة الأرضية الحالية 15 ألف متر مربع، فيما تبلغ مساحته المعمارية ستة آلاف متر مربع، وهو من الأشياء النادرة في الصين نظراً لحجمه الكبير، ويقصده المسلمون هناك للصلاة، إلى جانب زيارات السياح.

توسعة المسجد وترميمه:

هناك حكاية حول المسجد الكبير في شيآن تقول: إن الإمبراطور (تشو دي) أمر البحار الصيني العظيم (تشينغ خه) بترأس فريق بحري ضخم، لزيارة البلدان التي تقع على سواحل المحيط الهندي، حيث كان يتجاوز عدد الفريق عشرين ألف بحار، غير أن (تشينغ خه) افتقر إلى مترجم يستوعب اللغة العربية، لذا، سافر من العاصمة نانجينج إلى المسجد الكبير في مدينة شيآن وقطع ألف كيلومتر، لكي يجد من يحسن اللغة العربية، بعد اختبار دقيق، قرر (تشينج خه) أن يُعيّن إمام المسجد هاسان، مترجماً عاماً للفريق المبعوث، هاسان رجل ذكى ورزين، لم يؤدِ مهمته بشكل رائع فحسب، بل دبر (لتشينج خه) خطة ساعدته في حل كثير من المشكلات. بعد عودتهم للصين، طلب تشينج خه من الإمبراطور (تشو دي) أن يكافأ هاسان لمساهمته الكبيرة، لكن هاسان رفض مكافأة لنفسه، وطلب من الإمبراطور أن يخصص مبلغا لإعادة بناء وترميم المسجد الكبير، وافق الإمبراطور على طلبه، وأمر تشينج خه بتنفيذ هذا المشروع، صمم تشينج خه مخطط البناء بنفسه، وَوَظَّف عاملين ماهرين ومبدعين في البناء، وبعد جهودهم المشتركة، ظهر المسجد بوجه جديد تماماً.

المصدر: بيوت المتقين (55) شهر رمضان 1439هـ