قال تعالى: (وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً)[1].
يعتقد البعض أنَّ تسمية هؤلاء القوم «بالرَّسِّ» أمّا لأن أثراً قليلاً جداً بقي منهم، أو لأنهم كانت لديهم آبار ماء كثيرة، أو لأنهم هلكوا وزالوا بسبب جفاف آبارهم.
مَنْ هم هؤلاء القوم؟!
1 ـ الكثير يعتقدون أنَّ «أصحاب الرَّسِّ» كانوا طائفة تعيش في ـ اليمامة ـ وبعث الله لهم نبيّاً أسمه «حنظلة» كذبوه والقوه في بئر، حتى كتب بعضهم: أنهم ملأوا هذا البئر بالرماح، وأغلقوا فم البئر بعد إلقاء النبيّ (عليه السلام) في البئر وملؤها بالحجارة إلى أنَّ أستشهد ذلك النبيّ[2].
2 ـ والبعض الآخر يعتبر أن «أصحاب الرَّسِّ» إشارة إلى الناس أيام «شعيب» الذين كانوا يعبدون الأصنام، وكانوا ذوي أغنام كثيرة وآبار ماء و«الرَّسِّ» كان اسماً لبئر عظيم، حيث أغاضه الله، فأهلك أهل ذلك المكان[3].
3 ـ العلامة الطبرسي في مجمع البيان، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والآلوسي في روح المعاني، نقلوا: (أنَّ أولئك كانوا أُناساً يعيشون في أنطاكية الشام، وكان بينهم حبيب النجار)[4].
روي عن يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام)، أنه سأله رجل عن «أصحاب الرَّسِّ» الذي ذكرهم الله في كتابه مَنْ هم ؟ وممن هم ؟ وأي قوم كانوا؟.
فقال(عليه السلام): (كانا رَسَّينِ، فأمّا أحدهما ليس الذي ذكره الله في كتابه، كان هؤلاء أهل بدو وأصحاب شاة وغنم، يعيشون في البادية، فبعث الله إليهم صالح النبيّ رسولاً، فقتلوه، وبعث اليهم رسولاً آخر فقتلوه، ثم بعث إليهم رسولاً آخر وعضده بوليّ، فقُتل الرسول وجاهد الوليّ حتى فحمهم، وكانوا يقولون ألهنا في البحر، وكانوا يسكنون على شفير البحر، وكان لهم عيد في السنة يخرج حوت عظيم من البحر في ذلك اليوم فيسجدون له.
وأمّا الذين ذكرهم الله في كتابه، فهم قوم كان لهم نهر يدعى «الرَّسِّ» وكان فيها مياه كثيرة، يقع بمنقطع آذربيجان وهو من حد أرمينية وآذربيجان، وكانوا يعبدون الأوثان، فبعث الله إليهم ثلاثين نبياً فقتلوهم جميعاً، فبعث الله إليهم نبياً آخر وبعث معه ولياً فجاهدهم.
وبعد ذلك بعث الله عليهم العذاب، فجف مائهم، ويبست الأنهار ومات الزرع، وماتت مواشيهم، فماتوا جوعاً وعطشاً وبكاء، فلم يبق منهم باقية، وبقي منهم المخلصون فقط، وهم قليلون، فدعوا الله أنَّ ينجيهم بزرع وماشية وماء قليلٍ لئلا يطغوا، فأجابهم الله إلى ذلك، لما علم من صدق نياتهم....)[5].