الحبُّ بتعريف بسيط: هُوَ شغفٌ بالقلب، وميلٌ إلى المحبوب، وانجذابُ الحبيب إِلى من يُحب.
وهنا يأتي السؤال: متى تكون علاقة الحب هذهِ أَقوى وأَكثر جِدّية؟ هل هي قبل الزواج أَم بعده؟
أَجابَ بعضٌ - وذلك بحسب الاستبيان الذي أُجري على شريحة من المتزوجين، من قبل بعض المنظمات والمنتديات-:
إِنَّ علاقة الحب ضرورية قبل تحقّقِ الزَّواج، وهي السبب في نجاح الزواج فيما بعد، لأنَّ إنشاءَ تلك العلاقة قبل الزواج كفيلةٌ بأن يتعرّفَ أَحدُهما على الآخَر، بخلاف ما لو سبق الزَّواجُ تلك العِلاقة، فإِنها إِما تصيبُ أَو تخيبُ.
بينما قال فريقٌ آخرٌ -وهو الأعلى نسبةً-: إِن نسبةَ نجاحِ الحبِّ بين الزوجين بعدَ الزواج لهيَ الأَوفرُ حَظّاً مما قد تكون قبل الزَّواج، وذلك لأنَّ علاقة الحب بين الرجل والمرأة قبل الزواج هي علاقةٌ غالباً ما تكون وهميةً، وعادةً ما تكونُ علاقةُ الحُبِّ هذهِ خاليةً من أَهداف الزَّواج والارتباطِ إِلا نادراً وفي ظروف خاصّة، فالحبُّ الناجح إذن هو ما كان متولداً من الزَّواج الناجح، لأنَّ الزواج الناجح مِفتاحُ بابِ الحُبِّ إِلى عالمِ السعادةِ والطمأنينةِ.
ويبدو أن كفّةَ الفريق الثاني هي المرجحة، وهذا ما يتناسب واقعاً مع الكتاب العزيز، فقد قال عزَّ من قائِل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[1]، فالمودّة والرحمة تنشآن من الزواج الصحيح والناجح، لأَن الزَّوجين -كما يفيد أَربابُ التفاسير- يُكمّل أَحدهما الآخر، وبمقتضى ذلك سيتداخلان في كُلِّ شؤونِهما، فتنشأُ بينهما المودةُ والرحمةُ بأَعلى مستوياتها، وهذا ما لا يتحقق فيما لو سبق الحبُّ الزَّواجَ، ناهيكَ عن كَوْنِ العِلاقة قبلَ الزَّواج لا تَتَمتعُ بالشَّرعيّة إِلا نَادِراً.
نعم يمكن للخطيبين وفي فترة الخطوبة (وهي ما بين عقد القران إلى الزفاف) أَن يتعارفا وينسجما أَكثر، لأَنها فترةٌ ذهبيةٌ في تهيئةِ الأَجواء.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (29)
[1] سورة الروم: 21.