الرجل الأمين

كان يحكم إحدى البلاد سلطان عرف بالعدل والأمانة.. فأحبه الجميع... كان هذا السلطان يعطف على المساكين في مملكته وينصر المظلوم... وكان يحافظ على أملاك الدولة وأموالها..

ومع ذلك كان هناك شيء يحيّر هذا السلطان ويجعله يشعر بالحزن والضيق، فأموال الدولة تنقص باستمرار..

لذا أمر السلطان بإحضار حكيم البلاد حتى يرشده لفكرة مناسبة، يتمكن بها من العثور على رجل أمين لا يسرق أموال الدولة ويحافظ عليها.

جاء الحكيم فحكى له السلطان المشكلة التي تواجهه وطلب من الحكيم أن يساعده في اختيار رجل أمين.

قال الحكيم: اعلن في البلاد يا مولاي بأنك تحتاج لرجل يمسك خزائن الدولة.

قال السلطان: على الفور سأعلن في البلاد بأمر هذه الوظيفة، وفي اليوم التالي جاء عدد كبير من الرجال.

قال الحكيم للسلطان: يا مولاي عليك أن تأمر كل من يتقدم للعمل في هذه الوظيفة بالقفز.

ومن يقفز بخفة أكثر من غيره سيكون أكثر أمانة.

ظن السلطان أن الحكيم يضحك، فأخبره الحكيم انه جادٌّ في كلامه وطلبه.

قال السلطان للحكيم: افعل ما تراه صحيحاً

قال الحكيم للرجال: على من يرغب في العمل ان يأتي غداً.

وفي الصباح تجمع خمسة وستون رجلاً.

أمر السلطان بأن يدخل كل رجل إلى القصر بمفرده من خلال ممر ضيق طويل.. وأمر الحكيم بملئ هذا الممر بالذهب والأموال والمجوهرات.

ولما مرّ الجميع من الممر الضيق فوجئوا بأن السلطان يطلب منهم أن يقفزوا عالياً...

فقفز كل الرجال ببطء شديد وهم ينظرون بخجل شديد إلى الأرض...

وكل واحد يضم ذراعيه إلى جنبيه حتى لا يهتز ويسقط ما في جيوبهم أو يحدث صوتاً... إلا واحداً فقط كان يقفز ويتحرك بخفة ولا ينظر إلى الأرض...

فأشار الحكيم وقال للسلطان: هذا هو الرجل الأمين الذي تبحث عنه يا مولاي...

فقال السلطان: كيف عرفت ذلك؟

فقال الحكيم: لأنه الوحيد الذي لم يمد يده ويسرق الأموال والمجوهرات الموجودة في الممر...

ثم أمر السلطان بتوقف الجميع عن القفز...

فنادى السلطان وقال للرجل: أنت الرجل الأمين الذي سأعينه على خزائن الدولة...

أما الباقون فقد سرقوا الأموال أثناء عبورهم من خلال الممر الضيق... وملأوا جيوبهم بما فيه من الأموال والمجوهرات وخافوا أن يقفزوا فتسقط منهم الأموال والمجوهرات...

ثم أمر السلطان الجنود بتفتيش كل الرجال وإعادة ما سرقوه من أموال ومجوهرات...

العبرة من القصة:

يجب على كل من تولى الحكم في أي بلد من بلاد المسلمين أن يكون عادلا رحيما برعيته لأن الله سبحانه وتعالى سيسأله يوم القيامة عن تلك الرعية.

ويجب عليه استشارة العلماء والحكماء لكي يدلوه على الخير

ويجب أن نكون أمناء لا نخون أبدا في كل شيء.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (66)، صفحة (30)