السيدة زينب (عليها السلام) بنت البيت النبوي

كل من نظر بدقّة في حياة العقيلة زينب (عليه السلام) يجدها تتكون من مراحل زمنية هي بمثابة إعداد وتهيئة للدور الأخير في حياتها المباركة، وهو الدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة.

وليس غريباً أن يكون إعداد النساء والرجال في البيت النبوي ليسقوا الرسالة الخالدة بأعز ما يملكون من الأرواح والمهج والدماء والأهل والأصحاب، ومنهم كانت السيدة الجليلة زينب بنت علي (عليهما السلام).

فهي في بداية عمرها ولمدة خمس سنين عاشتها مع عطر الرسالة في رحاب جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو صابر في معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام ويتحمل هو وعائلته من أجل ذلك العناء والخطر.

وبعد رحيل النور النبوي رافقت أمها الزهراء (عليها السلام) الأيام القليلة التي عاشتها مع أبيها (صلى الله عليه وآله)، كانت تشاهد أمها تتألم وتبكي أمام عينيها، وهي تدافع عن مقام الإمامة، وتطالب بحقها، معترضة على الغاصبين، من غير معين، فشاركتها وهي تصارع الحسرات والآلام التي أصابتها.

وأما المرحلة الثالثة فهي المرحلة الخطيرة تلك التي عاصرت حكم أبيها وما فيها من فتن ومشاكل وحروب.

ومع أخيها الإمام الحسن (عليه السلام) عاشت المحن وتجرعت ما تجرع من غصص وآلام، حتى لفظ كبده أمامها.
هذه المسيرة الحياتية لبنت الرسالة ومعايشة الأحداث الصعبة، كانت مقدمات لإعداد هذه السيدة الجليلة لتؤدي امتحانها الصعب ودورها الخطير في نهضة أخيها الحسين (عليه السلام) في كربلاء، الواقعة التي تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فكانت السيدة زينب (عليها السلام) هي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الحسين (عليه السلام)، وقد قامت بدور أساسي ورئيسي في هذه الثورة العظيمة.

وبعد استشهاد أخيها الحسين (عليه السلام) أكملت دورها العظيم بكل جدارة.

لقد كشفت كربلاء الشخصية القوية المؤمنة للسيدة زينب (عليها السلام)، وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية، كما أنها (عليها السلام) بينت للعالم حقيقة ثورة كربلاء، وأبعادها العقائدية والإنسانية.

مجلة ولاء الشباب العدد (45)