اتصافها (عليها السلام) بالعزة والكرامة

من أَبرز الصفات النفسية الماثلة في شخصية سيدة النساء زَيْنَب (عليها السلام) هي: العزة والكرامة، فقد كانت من سيّدات نساء الدنيا في هذه الظاهرة الفذة، فقد حُملت بعد مقتل أَخيها من كربلاء إِلى الكوفة سبية، ومعها بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قد نُهب جميع ما عليهنّ من حُلِيّ وما عندهنّ من أَمتعة، وقد أَضرّ الجوع بأَطفال أَهل البيت(عليهم السلام) وعقائلهم، فترفّعتْ العقيلة(عليها السلام) أَن تطلب من أُولئك الممسوخين - من شرطة ابن مرجانة- شيئاً من الطعام لهم، ولمّا انتهى موكب السبايا إِلى الكوفة، وعلمن النساء أَنّ السبايا من أَهل بيت النبوة(صلوات الله عليهم) سارعن إِلى تقديم الطعام إِلى الأَطفال الذين ذابت أَجسامهم من الجوع، فانبرت السيّدة زَيْنَب مخاطبة نساء أَهل الكوفة قائلة: (الصدقة محرّمة علينا أَهل البيت)[1].

ولما سمع أَطفال أَهل البيت (عليهم السلام) من عمّتهم ذلك أَلقوا ما في أَيديهم وأَفواههم من الطعام، وأَخذ بعضهم يقول لبعض: إِن عمتّنا تقول: الصدقة حرام علينا أَهل البيت.

أَيّ تربية فذّة تربّى عليها أَطفال أَهل البيت إِنّها تربية الأَنبياء والصدّيقين التي تسمو بالإِنسان فترفعه إِلى مستوى رفيع يكون من أَفضل خلق الله.

ولمّا سُيِّرت سبايا أَهل البيت من الكوفة إِلى الشام لم تطلب السيّدة زَيْنَب طيلة الطريق أَيّ شيءٍ للأَطفال والنساء مع شدّة حاجتهم إِليها، فقد أَنفت أَن تطلب أَيّ مساعدة من أُولئك الجفاة الأَنذال الذين رافقوا الموكب.

لقد ورثت عقيلة بني هاشم من جدِّها وأَبيها العزّة والكرامة والشرف والإِباء، فلم تخضع لأَي أَحدٍ مهما قست الأَيام وتلبدت الظروف، إِنها لم تخضع إِلا إِلى الله تعالى.

 


[1]  في مصباح الفقاهة للسيد الخوئي: ج1، ص802: لا دليل على حرمة مطلق الصدقات على الهاشميين، وإِنما تحرم عليهم الصدقة الخاصة، أَعني زكاة المال والبدن، ولا يبعد أَن تحرم عليهم أَيضا الصدقات التي تعطى لدفع البلاء ورد القضاء، فإِن في ذلك مذلة ومهانة لا تناسب الذرية الطاهرة، ومن هنا كانت زينب الكبرى (عليها السلام) تأخذ الطعام من أَطفال أَبي عبد الله(عليه السلام) وترميه إِلى أَهل الكوفة وتقول: ويلكم يا أَهل الكوفة إِن الصدقة علينا حرام.