فدك حدود الخلافة

إنّ فدكا - كما ذكرنا آنفاً - هي في الظاهر قرية مخضرّة مثمرة قريبة من خيبر، لم تخفَ حدودها على أحد، لكن الملفت للنظر ما ورد في جواب الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) لهارون العباسي عندما سأله الأخير قائلاً: (حُدَّ فدكاً حتى أَردّها إليك) حيث أبى الإمام (عليه السلام) لكن هارون ألحَّ عليه.

فقال (عليه السلام): لا آخذها إلّا بحدودها.

قال هارون: وما حدودها؟

قال (عليه السلام): إنْ حدّدتها لم تردّها.

قال هارون: بحق جدك إلّا فعلت؟

قال (عليه السلام): أمّا الحد الأَوّل فعدَن، فتغيّر وجه هارون وقال: إيهاً، قال: والحدّ الثاني سمرقند، فأربد وجهه، قال: والحدّ الثالث أفريقية، فاسودَّ وجهه، وقال: هيه، قال: والرابع سيف البحر ممّا يلي الجزر وأرمينية.

قال هارون: فلم يبقَ لنا شيء، فتحول إلى مجلسي.

قال الإمام (عليه السلام): قد أعلمتك أنّني إن حدّدتها لم تردّها، فعند ذلك عزم على قتله[1]. فهذا الحديث دلالة واضحة على ارتباط قضية (فدك) (بالخلافة)، ويبيّن أنّ المهم في الأمر كان غصب خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإذا أراد هارون أن يعيد فدك فإنّ عليه أن يتخلّى عن الخلافة، وهذا ما جعله يلتفت إلى أنّ الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) إذا شعر بالقوة سيزيله عن الخلافة؛ ولذلك عزم هارون على قتل الإمام (عليه السلام).


[1] بحار الأنوار: ج8، ص106.