كان لي زميل يدرس في كلية الإدارة والاقتصاد، وقد تغيّب عن الدوام لفترة ليست بقصيرة، فأقلقني ذلك كثيراً، فذهبت سائلاً عنه في مكتب شؤون الطلبة في الكلية، هل هو مجاز؟
فقال لي المسؤول عن المكتب: أنه متغيّب بدون إجازة، ولا نعلم حاله.
فقلت له: ربما كان زميلي مريضاً فلا بد من عيادته، فقد أكد ديننا الحنيف على عيادة المرضى، والسؤال عنهم، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «عائِدُ المَريضِ يَخوضُ فِي البَرَكَةِ، فَإِذا جَلَسَ انغَمَسَ فيها»[1].
فقال: أُشجّعك على عيادة زميلك وأنقل سلامي له، ولولا التزاماتي الكثيرة لذهبت معك.
فقلت له: هلا أطلعتني على عنوانه، لأنه قد انتقل لمنطقة أخرى، غير التي كان يسكن فيها؟
ولما حصلت على عنوانه ذهبتُ إليه من فوري.
وعند وصولي إلى المنطقة المذكورة فإذا هي من المناطق الشعبية، تكثر فيها المقاهي والكازينوهات،
فسألت أحد أصحاب المحال عن بيت زميلي، فدلّني عليه.
طرقت الباب، فخرج لي رجل قد تجاوز الستين من عمره، ذو شيبة ووقار، ظننته والد زميلي، لكن اتضح لي أنه عمّه، فأدخلني، فإذا بزميلي راقد في فراشه بادياً عليه التماثل للشفاء في أواخر مرضه.
وبعد السلام والكلام عن أحواله وصحته، ذكرتُ ما رأيت من مقاهي وكازينوهات، يُلعب فيها الشطرنج والطاولي.
فقلت للرجل: مالي أرى كثرة المقاهي والكازينوهات في منطقتكم؟
فقال الرجل: لكثرة العاطلين عن العمل.
فقلت: وهل يجوز اللعب بالشطرنج والطاولي؟
فقال: لا يجوز اللعب بهما، وإن كان بدون رهان، ويحرم اللعب بكلّ ما عُدّ آلة للقمار مع الرهن، وبغيره على الأحوط وجوباً.
فقلت: وما حال بعض الألعاب الإلكترونية كجهاز (الأتاري) وتلعب من دون رهان؟
فقال: إذا كانت الصور التي تظهر على الشاشة صوراً لآلات قمارية لم يجز، وإلاّ فهو جائز.
فقال زميلي: ليست المقاهي والكازينوهات ومصائبها، بل حتى في هذه المناطق ترى الأعراس والمناسبات فيها ما لا يرضي الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام).
فقلت لزميلي: مثل ماذا؟
فقال: كثير من الموبقات كالرقص والغناء من قبل الرجال والنساء.
فقلت للرجل الشيبة: هل يجوز أن ترقص المرأة أمام الرجال والنساء في الأفراح؟
فقال: لا يجوز لها أن ترقص أمام غير زوجها من الرجال، بل ولا يجوز لها ان ترقص أمام النساء أيضا على الأحوط وجوباً.
فقلت: ورقص الرجل أمام الرجال أو النساء غير زوجته؟
قال: لا يجوز كذلك على الأحوط وجوباً.
فقلت: وهل يجوز أن يصفّق الرجال والنساء في الأعراس والمناسبات؟
فقال: يجوز لهم ذلك شرط ألا يتضمن محرّماً آخر.
فقلت: يرافق الأعراس والأفراح - غالباً - الأغاني والموسيقى فهل يجوز سماعها؟
فقال: تقصد الكلام اللهوي المصحوب بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو والطرب؟
فقلت: نعم.
فقال: لا ريب في حرمته.
فقلت: فهل يجوز الاستماع للأغاني الدينية؟
فقال لي: تقصد الكلمات الدينية التي تؤدى بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو والطرب؟
قلت: نعم.
قال الرجل: يحرم الاستماع إليها، وكذا كل كلام غير لهوي يؤدى بهذه الألحان دعاءً كان أم ذكراً، أم غيرهما على الأحوط وجوباً.
فقلت: وحال الموسيقى؟
قال: هي على قسمين، فمنها: ما يناسب مجالس اللهو والطرب فيحرم استماعها، ومنها غير ذلك فلا يحرم.
فقلت: بعض أنواع الموسيقى تذاع مقدمة لتلاوة القرآن الكريم، أو مقدمة لرفع الأذان، أو قد تسبق تقديم برنامج ديني، أو تلحقه فما حكمها؟
فقال: إذا كانت ملائمة لمجالس اللهو والطرب فهي محرّمة.
فقلت: والفواصل الموسيقية، والموسيقى التي تسبق نشرات الأخبار؟
فقال: هي كذلك أيضاً.
فقلت: بعض أنواع الساعات تحمل إضافة لتعيين الوقت مقاطع موسيقية لترويح حامليها متى شاؤوا، فهل يجوز بيعها وشراؤها والاستماع لموسيقاها؟
فقال: يجوز بيعها وشراؤها، أما الموسيقى التي تصدر منها فإن كانت ملائمة لمجالس اللهو والطرب فعي محرمة وإلا فلا.
فقلت: والموسيقى الكلاسيكية تلك التي تهدّئ الأعصاب الثائرة والتي توصف أحياناً كعلاج لبعض الأمراض النفسية، وغير مناسبة لمجالس اللهو والطرب هل يحق لي استماعها؟
قال: نعم.
قلت: والموسيقى التصويرية تلك التي تصاحب الأفلام التلفزيونية والمسلسلات عادة والتي يكون الغرض منها رفع درجة التأثير في المشاهدين بما يناسب جوّ الفلم أو إلقاء الشعر العاطفي أو الوطني المصحوب بالموسيقى؟
قال: إذا كانت ملائمة لمجالس اللهو والطرب يحرم استماعها.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (33)