حكمة حاكم

يحكى أن أحد الحكام وضع صخرة كبيرة على طريق رئيسي، فأغلقه تماماً، ووضع حارساً ليراقبها من خلف شجرة، ويخبره بردة فعل الناس.

مر أول رجل وكان تاجراً كبيراً في البلدة، فنظر إلى الصخرة باشمئزاز، منتقداً من وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم، فدار هذا التاجر من حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً: سوف أذهب لأشكو هذا الأمر، وسوف نعاقب من وضعها.

ثم مر شخص ثان وكان يعمل في البناء، فقام بما فعله التاجر، لكن صوته كان أقلَّ علواً، لأنه أقلُّ شأناً في البلاد.

ثم مر ثلاثة أصدقاء معاً من الشباب الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة، وسخروا من وضع بلادهم، ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي، ثم انصرفوا إلى بيوتهم.

وبعد مرور يومين جاء فلاح من الطبقة الفقيرة فلم يتكلم وإنما بادر إليها مشمراً عن ساعديه محاولاً دفعها، وطلب المساعدة ممن يمر، فتشجع آخرون وساعدوه، ودفعوا الصخرة بعيداً عن الطريق.

وبعد أن أزاح الفلاح الصخرة وجد صندوقاً في طريقه وبالصندوق قطع من ذهب ورسالة مكتوب فيها: من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة لك لأنك إنسان إيجابي بادرت لحل المشكلة بدلاً من الشكوى منها والصراخ.

فلينظر كل واحد منا كم من مشكلة نعاني منها، ونستطيع حلها بكل سهولة لو بدأنا بالحل بدلاً من التفكير في الشكوى، فالقرآن يدعونا في آيات كثيرة الى العمال والتعاون، وانه كل يعمل على شاكلته، يقول الله عز وجل في سورة المائدة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).المائدة: 2

وقال عز من قائل في سورة التوبة: (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). التوبة:105

 وفي آية أخرى من سورة هود يقول تعالى: (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ). هود: 93

فلا بد لنا إخوتي من العمل وعدم الاتكال حتى نحقق ما نرجوه، فالسفر وإن طال فهو يبدأ بخطوة.

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (51)، صفحة (30)