مَذْهبٌ إسلامي ينسب إِلى زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، ويعد من المذاهب الشيعية، لاعتقاد أَتباعه بأَفضلية وأَحقّية الإِمام أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة بعد رحيل النبي الأَعظم (صلى الله عليه وآله).
ينتشر أَغلب الزيدية اليوم في أَجزاء صغيرة جداً من الحجاز وتهامة واليمامة ومصر، إِلا أَنهم تركّزوا بشكل واسع في أَرض اليمن حيث يُشكّلون فيها ما يقارب نصف سكانها، أَمّا في بداية أَمرهم فكان انتشارهم أَوسعَ بكثير، حيث استوطنوا وحكموا أجزاءً ممّا يعرف سابقاً ببلاد (الديلم وطبرستان وشرق جيلان وسواحل بلاد الخزر)، وذلك بعد قيام دويلات لهم في تلك المناطق.
وأَوّل تلك الدوّل كانت على يد صاحب طبرستان (الحسن بن زيد بن محمد) المعروف بـ(الداعي الكبير) في سنة 250هـ، ثم هاجر إِليها الإِمام الأَطروش (الحسن بن علي) الملقب بـ(الناصر للحق) و(الناصر الكبير) الى بلاد الديلم، فأَدخل الإِسلام إِليها، فدخل فيهِ خلقٌ كثيرٌ، حتّى أقاموا أَول دولة لهم في تلك البلاد - وقول بعض علمائنا أَنه كان اثني عشرياً -.
ثم تلتها دويلات أُخر في مناطق مختلفة، كان أشهرها وأَطولها حُكْماً هي دولة الإمام (يحيى بن الحسين القاسم الرسي)، الملقب بـ(الهادي إلى الحق) في سنة 280 هـ في صعدة شمال اليمن، وإليه ينسب المذهب الهادوي، والذي عليه أغلب الزيدية في عصرنا هذا.
أَمّا دواعي قيام تلك الدول عبر تلك العصور، فهو لأن مذهب الزيدية قائم على عدة ركائز، ويتميز عن غيرها من المذاهب، بذهابهم إلى وجوب الخروج على الحاكم الظالم، وأَن الإِمام لا يكون إِماماً إِلا بعد قيامه بالسيف والدَّعوة لمذهبِ الحق، وتحكيم حكمِ الله بين العباد.
وهكذا يعتقد الزيدية بأَن زيد بن علي(عليه السلام) كان إِمام زمانه، وأَسّس لنظرية القيام والثورة على الظالمين، فأَخذوا مذهبه في الاعتقاد والفقه، وساروا عليها كنهجٍ لدنياهم وآخرتهم، فجعلوا من شروط الإِمامة أَن يكون من ولد فاطمةh، وأَن يكون عادلاً، زاهداً، ورعاً، فقيهاً الخ..، ولا يمانعون من تعدد الأَئمة في وقت واحد، في أماكن مختلفة، فإِن الإِمامة عندهم ليست بالنص والتوريث- وإِنْ كان أَكثر أَئمتهم قد توارثوا الحكم عن آبائهم، لا سيما في الدولة (الرَّسيّة) التي بلغ مدة حكمها الأَحَدَ عشر قرناً-، ولا يعتقدون بعصمة أَحد من أَئمتهم؛ فهي خاصة في رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين(عليهم السلام).
أَمّا في إِمامة أَمير المؤمنين (عليه السلام) فقد اتفق الزيدية على أَنها منصوصٌ عليها، إِلا أَنهم انقسموا في تفاصيلها الى قسمين، فمنهم من قال بإنَّ النص كان خفياً -وهم الأَغلبية- أَي: إِنه لم يبلغ من الشياع ما يكون حجة على البقية، فأَجازوا بذلك خلافة المفضول مع وجود الأَفضل، والقسم الآخر - وهم الأَقلية - قالوا بأَن النصَّ جليٌ، فلا يقبلون خلافة الشيخين- أبي بكر وعمر-، وكان هذا مذهب الجارودية، وهي فرقة من الزيدية.
ومما عرف عن الزيدية أَنهم في الاعتقاد أَقرب الى مذهب الاعتزال، وأَمّا في الفقه فهم للأَحناف أَقرب، بل وصفهم بعض أَهل العامّة بأَنهم (سُنّة الشِّيعة).
أَمّا مصادر الاستدلال عندهم: فهي الكتاب والسنة النبوية، والعقل، والقياس - الاستحسان والمصالح المرسلة-؛ وبالنتيجة فإنَّ المذهب الزيدي اليوم يشبه إلى حد كبير مذاهب أَهل العامة في العبادات وفي الأُمور الاعتقادية إِلا في موارد قليلة معروفة نستعرض بعضها كنماذج:
1- موافقتُهم للشيعة الإِمامية في مسألة العَدْل الإلهي.
2- موافقتُهم للشيعة الإِمامية في مسألة الخمس.
3- إدراج (حيَّ عَلى خَيْرِ العَمَلِ) في الأَذان.
4- صلاةُ الجَنازة (5) تكبيرات.
5- إِرسال الأَيدي في الصلاة.
6- صلاة العيد تصح فرادى وجماعة، ويعدون صلاة التراويح والنوافل جماعة بدعة.
7- فروض الوضوء عندهم (10) بدلاً من (14) التي عند أَبناء العامة.
8- إنَّ باب الاجتهاد مفتوح، ومن عجز عن الاجتهاد قلّد.
المصدر: مجلة اليقين العدد (24)