عبد الله بن بديل الخزاعي

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقه: (رحمه الله، جاهد عدونا في الحياة ونصح لنا في الوفاة)[1].

اسمه وكنيته ونسبه:

عبد الله بن بُديل بن ورقاء الخزاعي.

ولادته:

لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.

صحبته:

 كان (رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي(عليه السلام).

جوانب من حياته:

- اشترك مع النبي(صلى الله عليه وآله)في معركة حنين والطائف وتبوك.

- أرسله النبي (صلى الله عليه وآله) مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن؛ ليفقّهوا أهلها ويعلّموهم الدين[2].

- عدّه الشيخ المفيد ((قدس سره)) من المجمعين على خلافة علي(عليه السلام) وإمامته بعد قتل عثمان[3].

- كان من الصحابة الذين قاموا وشهدوا على أنّهم سمعوا رسول الله(عليه السلام) يقول يوم غدير خُم: مَن كنت مولاه فعلي مولاه[4].

- اشترك مع الإمام علي(عليه السلام) في حربي الجمل وصفّين، وكان فيها من قادة الجيش[5].

من أقوال العلماء فيه:

1ـ قال الفضل بن شاذان النيشابوري: فمن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم جندب ابن زهير قاتل الساحر، وعبد الله بن بُديل، وحجر بن عدي، وسليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، وعلقمة والأشتر، وسعيد بن قيس، واشباههم كثير، أفناهم الحرب ثم كثروا بعد، حتى قتلوا مع الحسين (عليه السلام) وبعده[6].

وقال السيد الخوئي(قدس سره): الظاهر أن الفضل أراد بقوله: ومن التابعين من تابع علياً وشايعه، والقرينة على ذلك قوله: أفناهم الحرب ثم كثروا بعد حتى قتلوا مع الحسين (عليه السلام) وبعده، وإلا فهو من الصحابة، كما ذكره الشيخ الطوسي(قدس سره)[7].

2ـ قال السيّد علي خان المدني (قدس سره): «أسلم مع أبيه يوم الفتح أو قبله، وكانا سيّدي خزاعة، وعيبة النبي (صلى الله عليه وآله)... وكان رفيع القدر ورفيع الشأن... من أصفياء أمير المؤمنين (عليه السلام) وخلّص أصحابه»[8].

كلامه للإمام علي(عليه السلام) يوم صفّين:

خاطب ((رضي الله عنه)) الإمام علي(عليه السلام)يوم صفّين قبل القتال بقوله: «يا أمير المؤمنين، إنّ القوم لو كانوا الله يريدون أو لله يعملون، ما خالفونا، ولكن القوم إنّما يقاتلون فراراً من الأسوة، وحبّاً للأثرة، وضناً بسلطانهم، وكرهاً لفراق دنياهم التي في أيديهم، وعلى إحن في أنفسهم، وعداوة يجدونها في صدورهم، لوقائع أوقعتها يا أمير المؤمنين بهم قديمة، قتلت فيها أباءهم وإخوانهم»[9].

خطابه للجيش:

خاطب (رضي الله عنه) عسكر الإمام علي(عليه السلام) يوم صفّين بقوله: (إنّ معاوية أدّعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومَن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزّين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حبّ الفتنة، ولبس عليهم الأمر، وزادهم رجساً إلى رجسهم، وأنتم والله على نور من ربّكم وبرهان مبين.

قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربّكم ظاهر مبروز؟! (...أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)[10].

وقد قاتلتهم مع النبي(صلى الله عليه وآله)، والله ما هم في هذه بأزكى ولا أتقى ولا أبر، قوموا إلى عدوّ الله وعدوّكم»[11].

خروجه لمبارزة القوم:

خرج((رضي الله عنه)) إلى ميدان القتال وهو يقول:

لم يبق إلّا الصبر والتـــوكّل وأخذك الترس وسيفاً مقصل

ثمّ التمشي في الرعيل الأوّل مشي الجمال في حياض المنـهل

والله يقضي ما يشاء ويفعل[12].

وبعدما قتل جمعاً من الجيش أحاطوا به من كلّ صوب وحدب، وأردوه قتيلاً.

وصيّته عند الموت:

عن عبيد الرحمن بن كعب، قال: لما قتل عبد الله بن بُديل يوم صفين مر به الأسود بن طهمان الخزاعي، وهو بآخر رمق، فقال له: عز علي والله مصرعك ! أما والله لو شهدتك لآسيتك، ولدافعت عنك، ولو رأيت الذي أشعرك لأحببت إلا أزايله ولا يزايلني حتى أقتله، أو يلحقني بك . ثم نزل إليه، فقال: رحمك الله يا عبد الله والله إن كان جارك ليأمن بوائقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا ، أوصني رحمك الله .

قال(رضي الله عنه): «أُوصيك بتقوى الله، وأن تناصح أمير المؤمنين(عليه السلام)، وتقاتل معه حتّى يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أمير المؤمنين عنّي السلام... فأقبل أبو الأسود إلى علي(عليه السلام)، فأخبره، فقال(عليه السلام): رحمه الله، جاهد معنا عدوّنا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة»[13].

شهادته (رضي الله عنه):

استُشهد (رضي الله عنه) في شهر صفر 37 بحرب صفّين، ودُفن في منطقة صفّين.

مجلة بيوت المتقين العدد (27)

 


[1]  خاتمة المستدرك، ميرزا حسين النوري الطبرسي: ج ٨، ص ١٤٨.

[2] رجال ابن داوود لتقي الدين الحلي: ص117.

[3] الجمل للشيخ المفيد: ص52.

[4] رجال الكشّي للشيخ الطوسي: ج1، ص246.

[5] رجال الكشي للشيخ الطوسي: ج1، ص286.

[6] رجال الكشي للشيخ الطوسي: ج1، ص286.

[7] معجم رجال الحـــديث للسيد الخوئي: ج11، ص126.

[8] الدرجات الرفيعة للسيد علي خان: ص419.

[9] وقعة صفين ابن مزاحم المنقري: ص102.

[10] سورة التوبة: آية 13و14.

[11] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج5، ص186.

[12] وقعة صفين ابن مزاحم المنقري: ص245.

[13] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج8، ص93.