القرآن الكريم هو الكلام المعجز المنزل وحياً على النبي (ص) المكتوب في المصاحف المنقول عنه بالتواتر المتعبد بتلاوته. وقد اختار اللّه تعالى لهذا الكلام المعجز الذي أوحاه إلى نبيه أسماء مخالفة لما سمى العرب به كلامهم جملة وتفصيلاً.
فسماه الكتاب قال تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين)[1]
وسماه القرآن (وما كان هذا القرآن أن يُفترى من دون اللّه ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين)[2] والاهتمام بوضع أسماء محددة ومصطلحات جديدة للقرآن الكريم، يتمشى مع خط عريض سار عليه الإسلام، وهو تحديد طريقة جديدة للتعبير عما جاء به من مفاهيم وأشياء.
وتفضيل ايجاد مصطلحات تتفق مع روحه العامة على استعمال الكلمات الشائعة في الأعراف الجاهلية وذلك لسببين:
أحدهما: أن الكلمات الشائعة في الأعراف الجاهلية من الصعب أن تؤدي المعنى الإسلامي بأمانة، لإنها كانت وليدة التفكير الجاهلي وحاجاته، فلا تصلح للتعبير عما جاء به الاسلام، من مفاهيم وأشياء لا تمت الى ذلك التفكير بصلة.
والآخر: أن تكوين مصطلحات وأسماء محددة يتميز بها الإسلام، ويساعد على ايجاد طابع خاص به، وعلامات فارقة بين الثقافة الإسلامية وغيرها من الثقافات.
وفي تسمية الكلام الإلهي ب(الكتاب) إشارة إلى الترابط بين مضامينه ووحدتها في الهدف والاتجاه، بالنحو الذي يجعل منها كتاباً واحداً.
ومن ناحية أخرى يشير هذا الاسم إلى جمع الكلام الكريم في السطور، لان الكتابة جمع للحروف ورسم للألفاظ.
وأما تسميته ب(القرآن) فهي تشير إلى حفظه في الصدور نتيجة لكثرة قراءته، وترداده على الألسن. لان القرآن مصدر القراءة، وفي القراءة استكثار واستظهار للنص.
فالكلام الإلهي الكريم له ميزة الكتابة والحفظ معاً، ولم يكتف في صيانته وضمانه بالكتابة فقط، ولا الحفظ والقراءة فقط لهذا كان كتاباً وقرآناً.
ومن أسماء القرآن أيضاً (الفرقان) قال تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً)[3]. ومادة هذا اللفظ تفيد معنى التفرقة، فكأن التسمية تشير إلى أن القرآن هو الذي يفرق بين الحق والباطل، باعتباره المقياس الإلهي للحقيقة في كل ما يتعرض له من موضوعات.
ومن أسمائه أيضاً (الذكر). (وهذا ذكر مبارك انزلناه)[4]، ومعناه الشرف، ومنه قوله تعالى: (لقد أنزلنا اليكم كتاباً فيه ذكركم)[5].
وهناك الفاظ عديدة أطلقت على القرآن الكريم على سبيل الوصف لا التسمية كالمجيد، والعزيز، والعلي، في قوله تعالى (بل هو قرآن مجيد)[6]، (وانه لكتاب عزيز)[7]، (وانه في اُم الكتاب لدينا لعلي حكيم)[8].