الباقيات الصالحات

بني، أعزّك الله وحفظك ذخراً لأهلك ومجتمعك قد تحول المحن والفتن دون معرفتك بواجباتك الحقيقية التي تنفعك في حياتك وبعد مماتك، وقد تميل بك النفس إلى عالم الشبهات والتردد في فهم بعض ما ينبغي لك أن تعرفه، وقد يصيبك الكسل فيصور لك العجز وضعف القدرة عما خلقك الله له من الحياة الإنسانية الوادعة.

وسأذكر لك بني ما ينفعك ويسعدك ويشعرك بالأمن والاطمئنان:

1ـ التوكّل على الله تعالى: قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[1]، بيَّن الإمام الكاظم (عليه السلام) التوكل في هذه الآية بقوله: (التَّوَكُّلُ علَى الله ِ دَرَجاتٌ؛ مِنها أن تَتَوكَّلَ علَى الله ِ في أُمورِكَ كُلِّها، فما فَعلَ بِكَ كُنتَ عَنهُ راضِياً، تَعلَمُ أنّهُ لا يَألُوكَ خَيراً وفَضلاً، وتَعلَمُ أنّ الحُكمَ في ذلكَ لَهُ، فتَوكَّلْ علَى الله ِ بِتَفويضِ ذلكَ إلَيهِ، وثِقْ بهِ فِيها وفي غَيرِها)[2].

2ـ شكر الله تعالى على نعمه المتواترة: قال الله سبحانه: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ)[3].

إن شكر لله تعالى يولّد روح الرضا وطمأنينة النفس في مختلف أحوال الخوف والأمن، والرضا والسخط، والشاكر يفوز ويظفر بالمزيد من العطاء الإلهي، كما وعد الله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، ولهذا علينا أن نشغل ألسنتنا بشكر لا يزاحمه أيّ شكرٍ في نوعه وأمده.

3- حسن الظنّ بالله تعالى: فعن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنّه قال: ((وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال على منبره: والذي لا اِله إلّا هو ما اُعطِيَ مُؤمِنٌ قَطُّ خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ إلاّ بِحُسنِ ظَنِّهِ بِالله ِ، ورَجائِهِ لَهُ، وحُسنِ خُلُقِهِ))[4].

4- الخوف من الله عزّ وجلّ مع رجائه تعالى: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم يصف المؤمنين: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[5].

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (ارْجُ الله َ رَجاءً لا يُجَرّئُكَ على مَعاصيهِ، وخَفِ اللهَ خَوفاً لا يُؤْيِسُكَ مِن رَحمَتِهِ)[6].

5- الصبر عن محارم الله تعالى: فعن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال:(الصَّبرُ صَبرانِ: صَبرٌ عندَ المُصيبَةِ حَسَنٌ جَميلٌ، وأحسَنُ مِن ذلكَ الصَّبرُ عندَ ما حَرَّمَ الله ُ عَزَّ وجلَّ علَيكَ)[7].

وعنه (عليه السلام) أنّه قال: (اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ)[8].

9ـ العدل: عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (ثلاثةٌ هُم أقرَبُ الخَلقِ إلَى الله ِ يَومَ القِيامَةِ حتّى يَفرُغَ (الناسُ) مِن الحِسابِ: رجُلٌ لم تَدَعْهُ قُدرَتُهُ في حالِ غَضَبِهِ إلى أن يَحيفَ على مَن تَحتَ يَدَيهِ، ورجُلٌ مَشى بينَ اثنَينِ فلم يَمِلْ مَعَ أحَدِهِما علَى الآخَرِ بشَعيرَةٍ، ورجُلٌ قالَ الحَقَّ فيما لَهُ وعلَيهِ)[9].

6- تغليب العقل على الشهوة: قال الله تعالى في كتابه المجيد: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالله ُعِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌمُّ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)[10] وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (طُوبى ‌لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةً حاضِرةً لمَوعودٍ لَمْ يَرَهُ)[11].

7- التواضع: فعن النّبي (صلى الله عليه وآله): «اِنَّ أحبَّكم اِليَّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خُلقاً وأشدَّكم تواضعاً»[12].

12ـ الاقتصاد في المأكل والمشرب ونحوهما: قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[13].

8- إنصاف النّاس ولو من النّفس: فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (مَن واسَى الفَقيرَ مِن مالِهِ، وأنصَفَ النّاسَ مِن نَفسِهِ، فَذلِكَ المُؤمِنُ حقّاً)[14].

9- اشتغال الإنسان بعيبه عن عيوب النّاس: فعن النّبي (صلى الله عليه وآله): (طُوبى لِمَنْ شَغَلَهُ خَوْفُ اللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْ خَوْفِ النَّاسِ، طُوبى لِمَنْ مَنَعَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِينَ)[15].

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (48)

 


[1] الطلاق: 3.

[2] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج71، 129. 

[3] الأحقاف: 15.

[4] جامع أحاديث الشيعة، حسين البروجردي: ج14، ص171. 

[5] السجدة: 16- 17.

[6] مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، الشيخ الطبرسي: ج1، ص213.  

[7] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج71، ص95. 

[8] وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج7، ص239.  

[9] الخصال، الشيخ الصدوق: ص81. 

[10] آل عمران: (14- 15).

[11] ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق: ص177.

[12] جامع أحاديث الشيعة، حسين البروجردي: ج13، ص525. 

[13] الأعراف: 31.

[14] مستدرك سفينة البحار، علي النمازي: ج1، ص140. 

[15] الكافي، الشيخ الكليني: ج8، ص169.