بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله المظلومين، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والآخرين.
الظلامة:
الظلامة: شعار مذهب التشيع، ابتدأت نشأة هذا الشعار من ظلامة فاطمة بنت محمد (عليها السلام)، ويظل مستمراً حتى ظهور القائم (عج)، بل حتى القيامة ووقوف الناس بأجمعهم أمام القضاء الإلهي، حيث الحاكم رب العالمين.
كما ابتدأت مراسيم هذا الشعار، من صرخات فاطمة(عليها السلام)، بوجه القريشيين، ومن بكاء فاطمة(عليها السلام)، وأنينها ليلاً ونهاراً، سراً وعلناً، فتارةً تحت الشجرة، وأخرى في بيت الأحزان، وثالثة في قبور البقيع والشهداء، ورابعة في بيتها، حتى انتهت حياتها القصيرة، ولحقت بأبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فجاء هذا الحق الحقيق على لسان أتباع الظالمين أنفسهم، كما ذكره القاضي بن أبي قريعة، متمثلاً بأبيات وجدت تحت وسادته، قائلاً فيها:
يامن يســــائل دائـــــباً عن كل معضلة سخيــفة
لا تكشــــفن مبطــــنـا فلربـما كشّـفـت جــيــفة
ولرب مستــــــور بــدا كالطبل من تحت القطيـفة
إن الجـــواب لحاضـر لكننــي أخفــيه خيــــفة
لولا اعتـداء رعيـــــــة ألقـى سياستــها الخليــفة
وسيوف أعـداءٍ بهــــــا هامـــاتــنا أبــــدا نقيـفة
لنشـــرت من أســــرار آل محـمـد جُمَــــلا لطيـفة
يغنيكُمُو عمـــــــا رواه مالـك وأبــــــو حنيــفة
وأريتكـم أن الحســــين أصيـب يــوم السقيــــفة
ولأي حــال لحِّـــــدت بالليل فاطــمة الشـريـفة؟
ولمــــا حمت شيخيــكم عن وطء حجــرتها المنيـفة
واه ! لبنــــت محـمـــد ماتت بغصــتها أسيــفة[1]
وبعد استشهادها (عليها السلام) ابتدأ شعار جديد لهذه الظلامة بأذيّة عليٍ (عليه السلام) أصبر الصابرين، حتى شملت البيت النبوي ومواليه من أنصارهم، ولكن متلجلجة بين الخفاء والعلن، بسبب ظلم الظالمين، وسطوة الجبارين.
وعلى منوالهم نسج كتّاب السلطة الحاكمة، فأخذوا يكتمون الحقائق على المسلمين، ابتغاء لرضا الظالمين!.
ولكن أبى الله إلا أن تظهر الحقيقة على لسان أهل البيت (عليهم السلام) تارة، وعلى لسان علمائنا أخرى، بل وعلى لسان أعدائه ثالثة، حجةً عليهم يوم يلقونه (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)[2]، فخرجت هذه الظلامة بتفصيلات مختلفة في كتبهم تارة مصرحة، وأخرى مموهة، وها نحن نذكر في رسالة وجيزة مظلومية فاطمة الزهراء (عليها السلام) في هذه المحاور الثلاثة، فنذكر في الفصل الأول مظلوميتها (عليها السلام) على لسان المعصومين (عليهم السلام)،
وفي الفصل الثاني نذكر ما جاء في كتب أصحابنا حول حادثة الدار، وفي الفصل الثالث نذكر ذلك من كتب العامة، ليكون القارئ على اطلاع تام على مشهورية هذا الأمر، وعدم اختصاصه بالشيعة، أو اختلاقه من قبلهم، كما يحلو للبعض التصريح أو التلويح بذلك.